مدار الساعة- يحاول كل إنسان منذ فترة طفولته أن يتعلم ويتكيّف قدر الإمكان مع العالم من حوله، ويتفاعل مع مع الآخرين، ويجد مكانا خاصا به في هذه الحياة. بالطبع، يفعل الإنسان كل هذه الأمور في البداية بشكل فطري، ثم يحصل على الدعم من الوالدين والمربّين والمعلمين.
تحدث أشياء كثيرة خلال فترة الطفولة وتؤثر بشكل كبير على حياة الإنسان. لذلك، يجب أن نهتم جيدا بالأطفال ونمنحهم الرعاية الكافية.
المرحلة الأولى
خلال المرحلة الأولى، يبدأ الطفل في اكتساب المعلومات من البيئة التي تحيط به. يشكّل الطفل أول علاقاته العاطفية مع والديه، وخاصة مع الأم التي تقضي إلى جانبه وقتا طويلا. ويعتمد تطور هذه العلاقة بشكل جذري على المحفزات، مثل اللعب والمداعبة والعناية.
يُظهر الطفل في هذه المرحلة سلوكا أنانيا للغاية ولا يهتم بالآخرين. يستخدم لغة بدائية، ويستمتع بإرضاء فضوله من خلال محاولة اكتشاف كل شيء في متناوله، ويميل أكثر نحو اللعب الفردي.
يكتسب الطفل سيطرة أكبر على مهاراته الحركية، وتزيد قدرته ممارسة أنشطة أكثر صعوبة وتعقيدا
المرحلة الثانية
عند بلوغ هذه المرحلة التي تمتد من 3 إلى 6 سنوات، يمرّ الطفل بتغييرات جذرية. يبدأ الطفل باكتساب مهارات "نظرية العقل"، حيث يصبح قادرا على استخدام خياله وفكره لفهم أن الآخرين قادرون على التفكير ولديهم معتقدات ومشاعر مثله تماما. لذلك يبدأ الطفل في التخلي عن أنانيته والميل إلى التفاعل مع أقرانه من خلال اللعب.
كما يبدأ الطفل في التعامل بشكل أفضل مع اللغة والتعبيرات التواصلية وإدراك خصائص الأشياء من حوله. ويستطيع الطفل في هذه المرحلة أن يميز سمات الأشخاص من حوله، ويكتسب شعورا بالاستقلالية، ويتحكم بشكل أفضل في مهاراته الحركية، بما في ذلك التحكم في العضلة العاصرة.
كما يكتسب الطفل سيطرة أكبر على مهاراته الحركية، وتزيد قدرته ممارسة أنشطة أكثر صعوبة وتعقيدا. ويكتسب الطفل خلال هذه المرحلة إحساسا بقيمة الصداقة ويبحث بالتالي عن تكوين صداقات جديدة.
في هذه الفترة، تركز العائلة على عملية تكوين الجنين والتطور الكامل لحواسه. يمكن للأبوين تحفيز الجنين عن طريق الصوت، وهذا سيكون في المستقبل جزءًا من ذاكرة الطفل. يمكن للجنين داخل رحم الأم إدراك بعض تفاصيل العالم الذي سيعيش فيه مستقبلا من خلال التجارب الحسية.
أثناء هذه الفترة يبدأ الطفل في التواصل مع الآخرين من خلال إصدار الأصوات والبكاء للتعبير عن احتياجاته. وينبغي على العائلة في المقابل أن تبدأ بتحفيز الغرائز الحركية الأولى للطفل، مثل غريزة المشي وغريزة الامتصاص لتناول الطعام.
بمرور الأيام، يمكنك أن تلاحظ نمو الطفل واكتسابه المزيد من الوزن والقوة العضلية. ويُعتقد أن الأطفال في هذه المرحلة، وفي الأشهر التي تليها، يستطيعون نبرات الصوت المختلفة.
في هذه المرحلة بالتحديد، يبدأ الأطفال في اكتساب طرق فهم أفضل للعالم من حولهم من خلال العلاقة مع الأم والأب.
تعتبر الرضاعة الطبيعية في هذه المرحلة ضرورية للغاية، ليس فقط لأنها الشكل الأول للتغذية، ولكن أيضًا باعتبارها وسيلة مهمة للتواصل العاطفي بين الأم وطفلها.
الاكتشاف هو أول شكل من أشكال التعلم عند الأطفال
وتتميز هذه الفترة لدى الطفل بمركزية الذات، لأنه غير قادر على فهم أفكار الآخرين. كما أن الفضول ضروري خلال هذه المرحلة لأنه يتيح له اكتشاف العالم من حوله. ويرى عالم النفس وخبير نمو الأطفال جان بياجيه، أن الاكتشاف هو أول شكل من أشكال التعلم عند الأطفال.
في هذه المرحلة يبدأ إنتاج الميالين في الدماغ، وهو أساس تطور التفكير المجرد، والذي يجعل الطفل أكثر قدرة على حل المشكلات والتمييز بين السلوك الصحيح والخاطئ واتباع الأعراف والقيم والتواصل مع الآخرين والقيام بمهام أكثر تعقيدًا.
في هذه المرحلة على وجه التحديد، يكون الأطفال قادرين على استيعاب مفاهيم أكثر تعقيدًا وتجريدًا للعالم، واستخدام مهارات التواصل الشفوي والكتابة بشكل أفضل، والتحكم في حركات الجسم، وفهم مشاعر الآخرين وتحليل المواقف المختلفة والتركيز واتخاذ قرارات مناسبة.
ومن التغييرات المهمة في هذه المرحلة، أن الطفل يبدأ بتكوين صورة دقيقة عن ذاته، واكتساب الثقة في نفسه من خلال البيئة التعليمية والمكاسب المعرفية.
في الوقت ذاته، قد يكون الطفل عرضة للمخاطر والتصورات الخاطئة عن العالم، خاصة إذا نشأ في بيئة غير سليمة، أو لم يحصل على الرعاية اللازمة في العائلة، مما يخلق فراغا نفسيا وعاطفيا يؤثر عليه في مرحلة لاحقة.
ويختلف الأطفال في القدرة على تطوير هذه المهارات، لكن مرحلة الطفولة تبقى في كل الحالات مرحلة أساسية ومحورية في تطور الإنسان.
المصدر: إستيلو نيكست
ترجمة وتحرير: نون بوست