مدار الساعة - رصد - في الثاني عشر من أيلول من عام 2018 غادر أبو عيسى الدنيا بكل هدوء وتواضع كما عاش حياتها كلها بعيداً عن الضوضاء، غير مكترث بمغريات الحياة ولكنه بقي حياً في عقول وقلوب كل الشرفاء والمخلصين الأوفياء لمبادئهم وقضاياهم الوطنية في كل شبر من أرجاء الوطن الواسع.
هذه الكلمات حواها كتاب الحاج عيسى مراد رجل حقق المراد، للمؤلف الكاتب احمد الحوراني، وتحدثت فيه عائلة شهبندر التجار المرحوم الحاج عيسى مراد 1940 – 2018 توثيقا مكتوبا لمسيرة حافلة حوت محطات مضيئة في خدمة الوطن وإعماره.
وجاء في مقدمة الكتاب: نكتب عن الفقيد الحاج عيسى مراد وهو الرجل الذي عاش ومات متمسكا بالثوابت والمبادئ التي اعتنقها وآمن بها، فلم تزل قدمه بعد ثبوتها، ولم يكن يوم ظعنه ولا يوم إقامته غامزاً من قناة زميل او صديق بل كان رجل دولة من طراز رفيع واقتصادي عريق يشار إليه بالبنان.
لقد كان الحاج حيدر مراد أردنياً حتى النخاع وفلسطينياً حتى العظم، ما جعل منه حالة فريدة ينبغي أن نجعل منها سببا منطقيا قويا يستفز فينا مشاعر الوحدة وفاء لبلدنا ولأمتنا وقضايانا وبالذات القضية الفلسطينية مثلما يستنطق منهجه فينا الإخلاص لمسيرتنا الواحدة التي تلفظ من بين صفوفها كل داع لفرقة او فتنة او تنازع.
الكتاب الذي رسمت خطوطا مهمة في حياة «شهبندر التجار» منذ نشأته وحتى وفاته في عام 2018 تناولت فيه صفحاته أبرز محطات حياة الرجل وعلاقته بالأردن وقربه من كبار رجالات الدولة لما قدمه في حياته من مواقف رجولة وثمينة.
وكان فحوى الكتاب رسالة لخصت سيرة عطرة عن حياة الرجل، إذ أنه منذ عدة شهور خلت عملت عائلة الحاج حيدر مراد لإعداد هذا الكتاب الذي يأتي إصداره في هذا العام متزامناً مع الذكرى السنوية الثانية لرحيل الحاج حيدر مراد.
وقدمت العائلة في الكتاب صفحاته من تاريخ الكبار وسيرهم مسألة ليست سهلة. وابتدأ الكتاب حديثا عن نشأة مراد ومولده كما تحدث عن المرحوم الحاج عيسى مراد في العام 1940 في قطاع غزة بقصص متنوعة تظهر تاريخه العصامي، رغم أنه نشأ في أسرة ثرية، عصفت بها رياح الإفلاس عام 1958 لكنها استعادت ثراءها من جديد بفضل الله، وبحنكة والده عيسى مراد.
وأصبح الحاج حيدر مراد مرجعاً موثوقاً لتجار العاصمة وخارجها، وتوّجت علاقاته التي قامت على الود والمحبة مع مختلف أطياف المجتمع بفوزه بانتخابات غرفة تجارة عمان فصار رئيساً للغرفة لأكثر من دورة في تسعينيات القرن الماضي ومطلع الألفية الثانية، وقدم خدمات جليلة صبت في صالح نهضة القطاع التجاري بوجه عام.
وحظي الحاج حيدر مراد بثقة الباني الراحل الملك الحسين بن طلال وسافر بمعيته لأكثر من مرة، وكان صاحب رؤية اقتصادية صائبة، وتفضل جلالته بالإنعام عليه بمنحه وسام الكوكب، وفي عهد الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حاز مراد ثقة جلالته فتم تعيينه عضواً في مجلس الأعيان لعدة دورات متتالية.
وللمرحوم الحاج حيدر مراد صولات وجولات مع العمل الإنساني والتطوعي والخيري حيث كان عضواً في العديد من المؤسسات والهيئات ذات العلاقة، كالصندوق الأردني الهاشمي، وحملة البر والإحسان، والهيئة الخيرية الهاشمية الأردنية، كما قام بتأسيس جمعية حمزة لرعاية الفتيات اليتيمات في الثمانينيات، وساهم في دعم مسيرة تعليم طلبة الجامعات الأردنية، ومد يد العون للعائلات المستورة.
وانتقل الحاج حيدر مراد إلى رحمة الله تعالى في 12 أيلول 2018 عن عمر ناهز ثمانية وسبعين عاماً، وتم دفن جثمانه الطاهر في مقبرة العائلة في سحاب، وفي ذكراه العطرة نقف باحترام وتقدير أمام شخصيته التي كانت مثالاً في الصبر والكفاح والجدية والالتزام.
في عام 1963 تزوج من سيدة غزية من عائلة اللولو وأنجب منها ثلاثة أبناء أكبرهم عيسى ويوسف وعلي، وثلاث بنات؛ جميعهم يعملون معه بشركته.
ولا يتجاوز الحاج مراد فضل زوجته، فهو يرى فيها الإخلاص والوفاء، ويصفها بـ"شراع السفينة" التي يبحر من خلالها إلى شط الأمان. ويقول: «وراء كل رجل عظيم امرأة وأم عيسى كذلك».
ويؤكد شهبندر التجار أن الحياة كانت له أكبر مدرسة تعلم فيها على يد والده رحمه الله الكثير من الدروس التي لا تنسى، عندما كان يتقن فن التجارة ويتجاوز الأزمات التي كانت تعصف به.
