أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات برلمانيات جامعات أحزاب رياضة وظائف للأردنيين مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

ليموريا.. أسطورة القارة المفقودة

مدار الساعة,أخبار ثقافية,الأرصاد الجوية
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - الليموري؛ هكذا وصف الكاتب المصري دكتور أحمد خالد توفيق في أحد فصول روايته «مثل إيكاروس» بطله الخارق الذي يعرف كثيرًا من الغيب والحقائق، قادت أحداث الرواية الرجل ليصبح عرافًا يقطن في كوخ تحت أحد الجبال الأمريكية، وحينها لم يُصرح باسمه ولا بقصته الحقيقية، تحدث كثيرًا فقط عن «ليموريا»؛ فأطلق عليه الأمريكيون المُحيطون به لقب «الليموري»، واتفقت قدرات الرجل مع ما يعرفونه من معلومات عن «ليموريا» القارة المفقودة، التي كان يقطنها جنس خاص من البشر حسب تصورهم، بشكل وبقدرات خاصة، وفي واقع الأمر، فإن حكاية تلك القارة المفقودة قد أثارت جدلًا واسعًا بين العلماء، هل هي حقيقية أم أنها مُجرد أسطورة، فقط تابع قراءة السطور التالية لتتعرف أكثر إلى «ليموريا».

وبقدر ما يبدو هذا غير قابل للتصديق، فإن الفكرة قد ازدهرت لبعض الوقت في كل من الثقافة الشعبية، وبعض أركان المجتمع العلمي، لكن العلم قد استقر لفترة طويلة على دحض فكرة ليموريا تمامًا بعد ذلك.

لكن العالم الألماني ألفريد فيجنر، الذي اهتم بدراسة فيزياء الأرض والأرصاد الجوية، كان قد أثبت أن القارات لا يمكن أن تغرق بسهولة، وببساطة يمكن تفسير الأمر بأن الجرانيت، الذي يتشكل في باطن الأرض، لديه كثافة كتلة أقل، وسوف «يطفو» على مواد الوشاح الأكثر كثافة، والوشاح هو الجزء الأكثر صلابة من باطن الأرض، ويقع الوشاح بين نواة الأرض شديدة الحرارة والطبقة الخارجية الرقيقة، وهي القشرة.

في القرون الماضية، كانت القارات المفقودة احتمالًا جيولوجيًّا قائمًا، ففي القرن التاسع عشر، وجد علماء الطبيعة أن هناك العديد من الحيوانات المماثلة كانت موزعة في قارات مختلفة أو جزر نائية. كان يمكن تفسير وجود الحيوانات بهذا الشكل بالهجرة الطوعية أو غير الطوعية بالنسبة للمسافات القصيرة، ولكن بالنسبة للمسافات البعيدة والكبيرة جدًّا كان الأمر يصعب تفسيره، فكيف انتقلت هذه الحيوانات كل هذه المسافة من موطنها الأصلي إلى المكان الذي عُثر عليها فيه، وخاصة بالنسبة للثدييات، وكانت هنا علامة الاستفهام الأكبر، التي تخص قرد الليمور، الذي كان موطنه الأصلي مدغشقر، ثم انتقل مسافات شاسعة في آسيا وأفريقيا.

بالنسبة لفيجنر يمكن تفسير هذا بفكرة وجود قارة واحدة، القارة التي أصبح مهتمًا بها في عام 1910، وقد استقر على هذه الفكرة من خلال مراقبة أطلس وملاحظة سواحل أفريقيا وأمريكا الجنوبية، وقراءته في وقت لاحق لورقة علم الأحافير؛ والتي تناقش أوجه التشابه بين أشكال الحياة الأحفورية الأرضية بين القارات المنفصلة، وقد جمع فيجنر العديد من الأدلة المنشورة لدعم نظريته؛ عن أن العالم في الأصل كان قارة واحدة، مثل تلك الخطوط العريضة للقارات (خاصة الجرف القاري) التي تتلاءم معًا، كما أنه يمكن العثور على أحافير الفقاريات الأرضية والنباتات في قارات مختلفة، تفصلها اليوم محيطات كبيرة.

لكن عالم الحيوان البريطاني فيليب لوتلي سكلاتير (1829-1913)، والذي كتب مقالًا قصيرًا عام 1864 بعنوان «ثدييات مدغشقر»، نُشرت في «The Quarterly Journal of Science»، قدَّم إجابة مُحتملة أخرى، فقد لاحظ سكلاتير أن هناك أنواعًا من الليمور في مدغشقر أكثر بكثير مما كانت عليه في بقية أفريقيا أو الهند، فرأى ​​أن مدغشقر هي الموطن الأصلي للحيوان، واقترح أن ما سمح لليمور بالهجرة لأول مرة إلى الهند وأفريقيا من مدغشقر منذ فترة طويلة هو مساحة يابسة مفقودة الآن تمتد عبر جنوب المحيط الهندي في شكل مثلث، وقد أطلق على هذا الجسر الأرضي أو القارة اسم «ليموريا».

اقترح سكلاتير أن قارة «ليموريا» هذه قد لامست النقطة الجنوبية للهند، وجنوب أفريقيا، وغرب أستراليا، وفي النهاية غرقت في قاع المحيط. لم يكن سكلاتير أول من روج لفكرة الجسور الأرضية القديمة، أو حتى القارة الغارقة في المحيط الهندي؛ فقد تكهن عالم الجيولوجيا الفرنسي، إيتيان جيفري، بوجود صلة بين مدغشقر والهند في عام 1840، كما اقترح ألفريد آر والاس (1823-1913) في عام 1859 وجود قارة غارقة لتفسير الحيوانات الموجودة في جزيرة سيليبس، لكنه أصبح لاحقًا أحد أكثر النقاد المُعارضين لنظرية الكتل الأرضية الغارقة.

«يُفترض هنا أن الموطن البدائي المُحتمل أو «الجنة» هو ليموريا، وهي قارة استوائية تقع حاليًا تحت مستوى المحيط الهندي، ويبدو أن وجودها السابق محتمل جدًّا من خلال العديد من الحقائق في جغرافيا الحيوانات والنباتات».

فجرى عرض ليموريا بوصفها مهد الإنسانية، وهو ما نشر فكرة القارات الغارقة إلى جمهور أكبر. كانت فكرة ليموريا، بوصفها مهدًا ضائعًا للبشرية، مثيرة للاهتمام للغاية بالنسبة لبعض المجموعات العلمية، والثقافة الشعبية، والكُتاب، ففي عام 1888، نشرت عالمة السحر والتنجيم والوسيطة والمؤلفة الروسية، إيلينا بلافاتسكايا كتابها «The Secret Doctrine»، وقد اقترح هذا الكتاب فكرة وجود سبعة أجناس قديمة للبشرية، وأن ليموريا كانت منزل واحد منهم. قالت بلافاتسكايا إن هذا العرق الخنثى بلغ طوله 15 قدمًا، وكان له أربع أذرع، وقد كانوا يتشاركون ليموريا مع الديناصورات، بعد ذلك، وجدت ليموريا طريقها بشكل مفهوم إلى الروايات والأفلام والكتب المصورة في الأربعينيات، وهكذا أصبحت ليموريا الأسطورية جزءًا من الثقافة الشعبية.

وجد الباحثون أن الزركون في صخور صلبة، وليس فقط في رمال الشاطئ، مما وجه انتقادات للدراسة الأولية التي تؤكد أن الزركون يمكن أن يكون قد جُرف إلى الشاطئ من قارة أخرى موجودة. يقول لويس أشوال، مؤلف الدراسة: «من المحتمل أن يكون ما زال هناك العديد من قطع القارة غير المكتشفة».

وهذا يعني أن سكلاتير وبعض العلماء الآخرين في منتصف القرن التاسع عشر كانوا على حق جزئيًّا بشأن ليموريا، على الرغم من معرفتهم المحدودة. رُبما لم يكن هناك قارة مفقودة غرقت فجأة في المحيط الهندي واختفت دون أن تترك أثرًا. لكن، الثابت بدرجة ما حاليًا أن كان هناك شيئًا ما منذ زمن بعيد؛ شيء ذهب حينها إلى الأبد.

مدار الساعة ـ