انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

ذي أتلانتك: لماذا تحولت تجربة التعلم عبر الإنترنت إلى كابوس؟

مدار الساعة,أخبار ثقافية
مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/14 الساعة 11:07
حجم الخط

مدار الساعة - كتبت إيميلي جولد، وهي مؤلفة وكاتبة، مقالًا نشرته صحيفة «ذي أتلانتك» الأمريكية عن سلبيات التعلم عبر الإنترنت وعجزها وابنها عن التأقلم على حضور الدروس الافتراضية.

وفي مستهل مقالها، ذكرت إيميلي أن أحد الأمور المثيرة في كوني على قيد الحياة في هذه اللحظة الحاسمة من التاريخ، هي أنني أتعرف باستمرار إلى الآراء المخالفة التي لم أكن أعرفها من قبل. وإن كنت سألتني قبل منتصف شهر مارس (آذار) 2020م عن شعوري حيال المؤتمرات التي تجري عبر الفيديو، لم أكن لأكترث. حسنًا أود الآن تعديل هذا الرأي قليلًا. إنني أؤكد أنها تجربة ليست جيدة. بل تُعد تجربة شنيعة وشكلًا من أشكال التعذيب النفسي. إنني كرهتُ هذه التجربة بشدة حتى إن ذلك ظهر عليَّ في صورة أعراض جسدية في رد فعل تحسسي.

ولم تكن هذه الحساسية نتيجة خبرتي المهنية بصفتي راشدة؛ إذ يمكنني إجبار نفسي على المشاركة في حلقات النقاش والاجتماعات والفعاليات الأدبية عبر شبكة الإنترنت (عذرًا، لكنني لن أحضر اللقاء الأسبوعي الممتد لعائلتي على برنامج زووم). ويمكنني التخطيط مسبقًا لكيفية التأقلم على استنفاد طاقتي والإرهاق الذهني الذي أتعرض له بعد يوم حافل باللقاءات على برنامج «زووم». بل جاءت كراهيتي لهذه التجربة انطلاقًا من تدريب ابني، رافي، البالغ من العمر خمس سنوات، على نظام التعلم عبر الإنترنت خلال فصل الربيع. وأشعر بخوف شديد من قدوم فصل الخريف، حينما يتعين على أطفال الروضة حضور تلك الفصول الافتراضية، سواء كان ذلك جزئيًّا أو ربما كليًّا. وأتمنى أن أكون مخطئة، إلا أنني أظن أن الفصول الافتراضية التي ستُعقد على برنامج «زووم» لصفوف الروضة قد تكون بالنسبة لابني ولأسرتي أسوأ من عدم الذهاب إلى المدرسة على الإطلاق.

التعلم عبر الإنترنت وتقييم الإخفاقات
وذكرت إيميلي أن القول بأن الفصول الافتراضية لمرحلة ما قبل الروضة لم تسر على ما يُرام هو تبسيط مخل للحقيقة. ففي اليوم الأول، كان رافي يبكي ويصرخ ويضربني وأباه وأخاه، وعمد إلى تكسير الأشياء، كما سكب كأسًا من العصير على الكمبيوتر المحمول الخاص بي. وفي اليوم التالي، حاولتُ أنا وزوجي مجددًا، لكن الأمور سارت على المنوال نفسه.

التعلم عبر الإنترنت - التعلم عن بعد

إلا إننا ظللنا نحاول لأننا لم يكن لدينا أدنى فكرة عما ينبغي لنا فعله. فالمدرسة هي شريان الحياة الذي نتمسك به لخوض حياة سوية. وفي النهاية، اكتفينا بأن نطلب من رافي أن يكتب اسمه وبعض الأحرف والأرقام قبل أن نذهب إلى الحديقة في الصباح. وكنا نجلس لحضور الدروس على برنامج «زووم» إذا وجدناه مستعدًّا لذلك، بيد أن تلك الدروس كانت تستنفد طاقته وطاقتنا جميعًا على حدٍ سواء، حتى وإن كانت تسير على ما يُرام.

وبعد انتهاء العام الدراسي، تمكنتُ من تقييم إخفاقاتنا جيدًا: كان الخطأ الأول الذي اقترفناه، كما أعتقد، أننا توقعنا أن رافي سيكون متحمسًا للدراسة على الإنترنت مثلنا تمامًا. لقد كنا حريصين جدًّا على رؤية مُعلمته الرائعة وزملائه في الفصل حتى إننا لم نتوقف قليلًا لنفكر كيف أن هذا الأمر سيكون مزعجًا بالنسبة له، الذي أدركه أخيرًا أن الأشخاص الذين يظهرون على التلفزيون ليسوا دُمى صغيرة؛ بل أُناسًا طبيعيين. وقد خاض مسبقًا تجربة التفاعل المباشر على الإنترنت مع جده وجدته من خلال تطبيق «فيس». ولذا، كان لدينا تطلعات غير واقعية عن قدرة رافي على الجلوس أمام شاشة ليفعل شيئًا آخر غير مشاهدة المسلسل الكرتوني «وايلد كراتس».

وأردفت إيميلي أن رافي كان لديه توقعات غير واقعية أيضًا: لأنه اعتاد على التحدث إلى زملائه وجهًا لوجه واحتضانهم، والإمساك بأيديهم، والشجار معهم. فقد أخبرنا مرارًا ذاك الربيع قائلًا: «لقد داس صديقي (س) على يدي في الملعب عن قصد»، لم يقل ذلك بغضب ولكن بنبرة مرتبكة تعبر عن مدى ضيقه فحسب. ثم تحوَّل هذا في النهاية إلى نبرة من الحنين إلى الماضي، وكأن لسان حاله يقول: يا ليت صديقي (س) يدوس على يدي مجددًا! كما اعتاد أيضًا على الغناء والتحدث مع الكورال، ولم تكن له تجربة مسبقة في أن يظل صامتًا، ويمكن القول إن هذا كان وقتًا جيدًا لتعلم هذه المهارة القيِّمة، وإن كان يرى عكس ذلك. وإنني متيقنة من أنه سيجادل بشدة الآن حول أي شيء إذا كان يعتقد أنه قد يصرفك عن إجباره على فعل شيء لا يريد فعله.

استعداد المعلمين لفصل الخريف
التعلم عبر الإنترنت

لقد نضج رافي بعض الشيء منذ فصل الربيع، على حد وصف إيميلي؛ فعلى سبيل المثال، توقف مؤخرًا عن التسبب في بكاء أخيه الصغير، لأنه أدرك أنني ووالده سنتبع وسيلة التهديد المعتادة نفسها قائلين: «إذا أبكيتَهُ، فستُحرم من مشاهدة باتمان»! إنني أشعر بالتفاؤل مع مرور فصل الصيف الذي يستعد فيه المعلمون للتحضير لتلك الدروس الافتراضية، وبالرغم من تلك الأيام المليئة بالأزمات، فإنهم سيتعاملون على نحو أفضل لتحقيق ما يأملون تحقيقه من التعلم عبر الإنترنت. وبالنسبة لبعض الأطفال قد يكون التعلم عبر الإنترنت حياديًّا أو حتى جيدًا. وإنني أعلم أن المعلمين يبذلون قصارى جهدهم لوضع هذه الخطط موضع التنفيذ، على الرغم من أن هذه ليست الطريقة المفضلة للتعليم والتعلم. وأعتقد أن رافي سيكون بمقدوره تعديل آداب السلوك الرقمية لديه، كأن ينتظر دوره في الحديث بدون أن يغلق الكمبيوتر بعنف لمجرد أنه شعر بالملل، والجلوس خلال الدرس بدون تذمر، أو صراخ متعمد.

آداب السلوك الرقمية ليست مهمة بهذا القدر
واستدركت الكاتبة قائلةً: لكن هل آداب السلوك الرقمية شيء أصبو إلى أن يتعلمه رافي في سن الخامسة؟ سيكون أمامه حياة كاملة للتعرف إلى التفاصيل الدقيقة للتفاعل مع الآخرين من خلال الشاشة. ولا أستطيع أن أتقبل فكرة أنه يجب أن يتأقلم مع هذا الشكل من المدارس. وأفكر في مدى شعوري بالتعب والاستنزاف بعد حلقة نقاش عبر الإنترنت، ولا يسعني إلا أن أستنبط أن الأمر ذاته يحدث لعقل طفلي الذي ما يزال غضًّا. ولا أظن أن مثل هذا الأمر من الممكن أن يسبب له ضررًا دائمًا؛ لأنني أدرك مدى قابلية الأطفال على التكيف. جُل ما أبغضه أن أكون شاهدة على شعوره بالحزن والإحباط. وما زلتُ أفكر أنه لا بد وأن هناك بعض الحلول التي لم أتوصل إليها بعد.

التعلم عبر الإنترنت

وحينما أتخيل أسوأ السيناريوهات التي قد يمر بها رافي في فصل الخريف القادم، أرى نوعًا من نوبة الغضب الأوبرالية التي تجعل الشقة تعج بفوضى عارمة وتُغضب الجميع، كما كان يحدث يوميًّا في فصل الربيع. وحينما أتخيل أفضل سيناريو، أرى طفلًا قاتل وخسر، وهو يجز على أسنانه بينما يؤدي إحدى المهام المطلوبة منه، لا لشيء إلا لأننا وعدناه بتناول وجبة من الفاكهة. مثل ذلك السيناريو لا يكاد يكون مروعًا، ولكن من المؤكد أنه مؤسف.

واختتمت إيميلي مقالها بالقول: حتى أسوأ الاحتمالات لدينا مميز، الشقة التي تنتشر في أركانها الفوضى والأعصاب المنهكة لا تمثل شيئًا مقارنة بما يمر به الآباء والأمهات الآخرون. ويمكننا أنا وزوجي العمل في المنزل، فضلًا عن تحمل تكاليف جليسة الأطفال. بينما العدد الهائل من الآباء الذين يعملون خارج المنزل، أو لا يستطيعون تحمل تكاليف جليسة الأطفال، أو الآباء الذين لا يشعرون بالراحة في التعامل مع خطر العدوى الفيروسية التي قد تصيب جليسة الأطفال، إلى جانب خطر انتقال العدوى منها إليهم، ربما يكونون في وضع أسوأ بكثير. لكن على أي حال لا يشعر الجميع بالراحة. والأطفال مثل رافي – الذين يبدو أنهم ميَّالون لعدم التعلم عبر الإنترنت – سيحوِّلون فصل الخريف القادم إلى معركة. وعلى الرغم من أنني لن أذهب إلى الحد الذي أستسلم معه مسبقًا، فإنني لستُ على يقين من المدة التي أستطيع فيها تحمل هذه المعركة، أو مدى استعدادي لها.

رصد

مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/14 الساعة 11:07