دورة حياة الإنسان وما يمر بها من أحداث هي السيرة الذاتية والمكتوبة له منذ الأزل من قبل ربِّ العالمين (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ، لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (الحديد: 22 و 23)). فالعمر هو الحلقة الكبيرة الخارجية لرحلة الإنسان في الحياة الدنيا، وما يتخللها من مراحل وأحداث مختلفة في كل مرحلة من مراحل العمر هي حلقات وأحداث داخل بعضها البعض، وإذا إنتهت هذه الحلقات الزمنية لا تعود من جديد أبداً. فمرحلة أو حلقة الطفولة يمر فيها الإنسان ويحدث له ما يحدث من أحداث خلالها من نمو وتربية ورعاية وأمراض ... إلخ، وعداد العمر مستمر في العد ويزداد في الحياة الدنيا ولا ينقص (ولكن عداد العمر عند الله وهو الأجل المسمى ينقص ولا يزيد). وبعد مرحلة الطفولة تدخل مرحلة أو حلقة الشباب وهي التي نسميها الفترة الذهبية من حياة كل إنسان وتحدث فيها أحداث من النمو والتربية التعليم والثقافة والعمل والتكليف (عندما يبلغ الإنسان سن التكليف وهو السن الذي يبدأ الملكين بالتسجيل لأفعاله وأقواله وهواجسه التي فيها من خير ويكتبها له الملك الذي على كتفه الأيمن وإسمه الرقيب وما فيها من شر ويكتبها له الملك الذي على كتفه الأيسر وإسمه العتيد) وهناك من يقول أن كل ملك يتصف بصفتي الرقيب والعتيد بكل ما تعنيه كل كلمة من معنى (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (ق: 17)). وبعد حلقة الشباب والعنفوان تدخل حلقة المشيْب والشيخوخة إن كتب الله للإنسان العمر الطويل (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (غافر: 67)). وبعدها تنتهي رحلة الحياة بالوفاة لينتقل الإنسان لحياة البرزخ ثم الآخره والحساب والعقاب والثواب وإما للنار وإما للجنة.
حَلَقَة اَلْعُمْر وَمَا يَتَخَلَلُهَا مِن حَلَقَاتٍ لاَ تَتَكَرَّر
مدار الساعة ـ