الإجراءات التي أعلنتها الحكومة مساء الخميس الماضي، لاحتواء تداعيات السلوكيات السلبية، التي شهدتها العديد من مناطق المملكة، بعد إعلان نتائج الانتخابات النيابية، إجراءات مهمة وضرورية، لكنها غير كافية، لأنها إجراءات علاجية آنية، في حين أننا نحتاج إلى إجراءات وقائية، تمنع تكرار ماحدت، لأن تكراره وارد بسبب الثقافة المشوهة التي تغلغلت في مجتمعنا، والتي حان وقت مواجهتها، من خلال طرح السؤال لماذا وصلنا إلى هذا الحال؟
إن الإجابة على هذا السؤال تحتاج إلى عمل فكري يعيد تصحيح علاقة الأردنيين بدولتهم ويعيد بناء إيمانهم بها، وبدورها في حياتهم، من خلال تذكيرهم بان الدولة هي أرقى صيغة تواصلت إليها البشرية، لتنظيم العلاقات داخل المجتمع الواحد وبين مكوناته المختلفة، أفرادا وجماعات،، ووسيلتها إلى ذلك القانون، الذي هو أهم مقاييس ومواصفات تحضر المجتمعات وتمدنها، كما أن سيادته من مقاييس ومواصفات قوة الدولة وحضورها في حياة مواطنيها وإيمانهم بها،من خلال احترامهم لقوانينها التي يجب على الدولة تطبيقها بحزم وتجرد، تحقيقا للعدالة والمساواة بين مواطنيها على قاعدة التوازن بين الحقوق والواجبات. ومنع تغول أحد على الآخر، وهو التغول الذي مارسه بعض أنصار الفائزين على عموم الأردنيين فور إعلان النتائج،فاخترق هؤلاء سيادة
القانون بممارسات يرقى بعضها إلى مستوى الخروج عليه، ففي الوقت الذي كان تطبيق الحظر الشامل يتم بصرامة وتشدد في بعض الأحياء خاصة في عمان الغربية، كان سكان مناطق أردنية كثيرة يتجولون بحرية تامة، دون رقيب أو حسيب، و الأخطر من ذلك أن فرض الحظر الذي كان لمنع التجمعات والاحتفالات عند إعلان نتائج الانتخابات، فرض على من لا مترشحين لديهم وتركت مناطق الفائزين مسرحاً لتجمع الآلاف، ولحلقات الدبكة ولمواكب شاركت بكل منها مئات السيارات من كل الأنواع والأحجام، والأخطر من ذلك كله حجم وأنواع الأسلحة التي استخدمت في احتفالات الفائزين في الانتخابات النيابية، وكلها تصرفات تثير أسئلة حول إيماننا بسيادة القانون، ولماذا غابت عن مشاهد وممارسات تمت على مرأى من الأردنيين جميعا، ممن كانت حياة نسبة كبيرة منهم معرضة للحظر، بسبب الرصاص الطائش الذي أطلق بعشوائية، في احتفالات الفائزين بعضوية مجلس أول مهامه إقرار القانون والرقابة على مدى الالتزام بتطبيقه، فكانت أول أعمالهم الخروج على القانون، وانتهاك حرمته، وقبل ذلك تهديد السلم المجتمعي، وتهديد حياة المواطنيين، إن لم يكن بالرصاص الطائش، فبنشر الوباء القاتل بينهم، كما أكد ذلك الخبراء في الشأن الصحي، وهم يشاهدون صور تجمعات المحتفلين بفوز نوابهم، الذين استهلوا نيابتهم بالاعتداء على هيبة الدولة والخروج على القانون، لذلك كله فإن السؤال الذي يجب علينا جميعا البحث عن إجابته بجرأة وشفافية هو لماذا وصلنا إلى هذا الحال؟ الرأي