شحاده أبو بقر يكتب: هل ما زالت الإنتخابات الآن .. أولوية

بقلم شحاده أبو بقر

لست مختصا ولا أملك أدوات قياس وتحليل علمي لوقع كارثة كورونا على بلدنا , لكنني وكسائر مواطنينا الذين ينتظرون وعلى أحر من الجمر, الإحصائية اليومية حول هذه الجائحة , أرى أنها تتمدد كل يوم أكثر وتحدث وفيات كثيرة ومصابين بالآلاف حتى وصل الأمر إلى الكوادر الطبية حمانا الله وإياهم جميعا من كل شر .

في ظل واقع صعب كهذا , يبرز التساؤل المتصاعد , هل الإنتخابات الآن أولوية ؟ , وهل فتح الباب لقرابة مليوني مواطن للإختلاط على مدى يوم واحد وسط صعوبة لا تخفى على أحد في ضبط التقيد بمتطلبات السلامة العامة , أمر عادي أم هو غير ذلك ؟ . هذا إذا إفترضنا أن نسبة المقترعين ستكون بين 40 و50 بالمائة كمعدل مثلا .

نتحدث عن اربعة ملايين ناخب وعن أكثر من 40 ألف رجل أمن وخمسة آلاف مراقب لا مجال أمامهم إلا الإلتقاء والإختلاط بصورة من الصور , في وقت نعرف فيه أن شخصا واحدا حاملا للفيروس دون أن يعلم يمكن أن يعطب بالعدوى قرية أو حيا وربما مدينة وفقا لتسلسل الإختلاط , والتجربة المرة بين أيدينا ولم تغادر ذاكرتنا .

قد يقول قائل هاهي أميركا تجري إنتخابات رئاسية , والجواب , نحن لسنا بمجال مقارنة مع إمكانات أميركا , هذا من جهة , ومن جهة ثانية , ألم نلاحظ حجم الإقبال الفائق على الإقتراع بالبريد عندهم ولأول مرة في تاريخهم هربا من يوم الإقتراع وتجنبا للإختلاط ؟ .

لا علينا , ليس الوقت متأخرا أبدا , فصحة الناس وسلامة المجتمع تتقدم على كل أولوية , وليس سرا أننا في حالة حرب حقيقية مع الجائحة التي باتت تحصد عشرات الأرواح يوميا فضلا عن آلاف المصابين المكتشفين وسواهم ممن يحتاجون عناية خاصة في المشافي أو في منازلهم .

نعم , أدعو مراكز القرار إلى التفكير مليا في الأمر , وتأخير الإنتخابات لشهرين أو ثلاثة لن يضرنا بشيء , بل على العكس سيجنبنا المغامرة والمخاطرة بفتح الأبواب لإختلاط عام بين مواطنيننا وما يمكن أن ينجم عن ذلك من كوارث لا قدر الله , بينما يئن نظامنا الصحي تحت وطأة آلاف الإصابات .

درهم وقاية خير من قنطار علاج , ومنع كسر اليد أفضل من تجبيرها بعد أن تنكسر لا سمح الله , وإبعاد شر الإختلاط عن قرابة مليوني مواطن وأربعين ألف جندي ورجل أمن , أولوية تتقدم على سائر الأولويات .

تأجيل الأنتخابات صار ضرورة تتطلب قرارا حاسما , فالزمن المتاح لنا حاليا يجب أن يكرس لمواجهة الجائحة بجهود وطنية موحدة قوية وتعاون أكيد بيننا جميعا مواطنين ومسؤولين . حمى الله بلدنا والبشرية جميعا من مخاطر هذا الداء وكل خطر . هو سبحانه من وراء قصدي .