مدار الساعة - تعمل الحكومة المغربية على إنعاش القطاع السياحي الذي تضرر بشكل كبير بسبب تداعيات جائحة كورونا، بعد حوالى سبعة أشهر من إغلاق الحدود بهدف الحد من انتشار الفيروس. وتربط المملكة إعادة فتح الأجواء الجوية والبرية، بتطور الوضعية الوبائية، وبمدى توفر شروط السلامة الصحية للمواطنين والسياح.
شروط الانتعاش
حددت وزيرة السياحة المغربية، نادية فتاح العلوي، شروط إنعاش قطاع السياحة في تحقيق ثلاثة مسارات تتعلق بالحركية والثقة والتنافسية. وقالت "نحن نعمل مع مكتب (فيريتاس) على إنشاء علامة خاصة للحصول على معايير جيدة، وسنقوم بتوسيعها لتشمل المؤسسات الفندقية كافة قدر الإمكان... لقد طلبنا من ولاة المدن السياحية الرئيسية والمهنيين تحديد البروتوكول الصحي بأنفسهم، بالتعاون الوثيق مع الإدارات المعنية".
برنامج الدعم
يضم مشروع قانون المالية، المعروض حالياً على البرلمان، أحد البرامج التي تهدف إلى إنعاش القطاع السياحي وهو أكثر القطاعات المتأثرة بالجائحة، بحيث تضرر العديد من البنيات السياحية من الإغلاق الذي فرضته الحكومة.
وأكدت وزيرة السياحة أن عقد البرنامج (2020-2022) لدعم السياحة وإنعاشها يسعى خصوصاً إلى الحفاظ على النسيج الاقتصادي وعلى الوظائف ودخل المستخدمين، وأن فكرة عقده جاءت بهدف دعم هذا القطاع ليبقى حياً ويحافظ على مناصب الشغل وعلى المكتسبات التي عمل المغرب من أجلها طيلة الأعوام السابقة.
ويهدف البرنامج كذلك إلى تخفيف الأعباء عن ميزانيات المقاولات من خلال منتجات معيارية وأخرى تعتمد على آليات تلائم قطاع الفنادق. وتلتزم الدولة ضمن البرنامج بتمديد منح تعويض شهري قدره 2000 درهم (217 دولاراً) خلال الفترة الممتدة من يوليو (تموز) 2020 إلى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2020، لفائدة العاملين والمتدربين الذين تأثر نشاطهم بالجائحة.
كما قامت الحكومة، من أجل إنجاح عملية إعادة فتح النشاط السياحي، بتدعيم التدابير الاحترازية المتعلقة بالسلامة الصحية في الشركات السياحية. ويظل الهاجس الأساسي للقطاع هو ودعم الشركات التي تحافظ على 80 في المئة من مناصب الشغل لديها، إلى نهاية العام الحالي.
الصعوبات
يقف العديد من العوائق في وجه اعادة فتح القطاع السياحي، إذ أوضحت وزيرة السياحة أن المغرب لا يشكل استثناء، ففي الوقت الذي خففت 53 في المئة من بلدان العالم، من تدابير إغلاق الحدود، لا تزال 40 في المئة منها مغلقة، مشيرة الى أن هذا العامل يحد من نشاط القطاع، الذي يحاول استعادة بعض نشاطه، من خلال قرار فتح المجال أمام رجال الأعمال، ومن يتوفر على حجوزات في الفنادق في إطار احترام الشروط الوقائية المعتمدة.
وأكدت الوزيرة أن الإجراءات الصحية ومتطلباتها تجعل من الصعب تنفيذ مخططات الإقلاع، باعتبار أن التحديات التي يطرحها انتشار الوباء تدفع السلطات إلى اتخاذ تدابير تحد من تنقل الأشخاص، سواء داخل المغرب أو خارجه، الأمر الذي يزيد من صعوبة مهمة إنعاش السياحة.
وأشارت إلى وجود لجنة ثلاثية تضم وزارات السياحة والصحة والداخلية تجتمع بشكل منتظم، من أجل تحديد الإجراءات، التي يتعين اتخاذها للحد من انتشار الوباء، مع الحرص على تقليص تداعياتها على النشاطات الاقتصادية بشكل عام، والسياحة بشكل خاص.
تشجيع السياحة الداخلية
اعتمد المكتب الوطني المغربي للسياحة برنامج عمل يهدف إلى استغلال هذه الأزمة، من أجل استعادة مكانة المغرب داخل المجال السياحي العالمي، بالإضافة إلى الحفاظ على تنافسية الوجهة السياحية خصوصاً فترة ما بعد الأزمة، التي ستشهد منافسة حادة بين مختلف البلدان السياحية.
وأكد مدير المكتب عادل الفقير إطلاق حملات لتسويق الوجهات السياحية المحلية، وتشجيع المغاربة على السفر، إلا أن الظروف الوبائية التي حلت في فصل الصيف، لم تساعد على تحقيق النتائج المرجوة من تلك العملية.
وأشار إلى أن نسبة السياح المغاربة في الفنادق تصل إلى 30 في المئة، وشدد على رغبة المكتب في الرفع من تلك النسبة لتصل إلى 50 في المئة، عبر تطوير العروض لكي تتماشى مع متطلبات السياح المحليين.
تضرر النقل الجوي
وقامت الخطوط الملكية المغربية بتسريح العديد من طواقمها بهدف تقليص نفقاتها، بسبب تأثير الجائحة.
وأوضح عبد الحميد عدو، الرئيس المدير العام للشركة، أن المؤسسة تضررت كثيراً بتداعيات كوفيد-19، بعدما كان وضعها مستقراً قبل الأزمة، إذ تمكنت خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي من تحقيق رقم معاملات بلغ حوالى 500 مليون دولار ونقلت ما يقارب المليونين و500 ألف مسافر، فيما سجلت خلال العامين الماضيين معدل نمو يناهز 10 في المئة، مقارنة بـ 2017 و 2018.
وأوضح عدو أن أداء الشركة تأثر كثيراً بعد فرض الحجر الصحي وإغلاق الحدود، ورجّح أن تسجل خسارة قد تصل إلى ما يقارب 400 مليون دولار، وأكد أن هذه التطورات فرضت اتخاذ إجراءات قاسية لضمان استمرارية المؤسسة، باعتماد مخطط إعادة الهيكلة لتقليص التكاليف وتمكينها من الانطلاق مجدداً على أسس متينة.
إحصاءات
تشير دراسة رسمية، إلى أن قطاع السياحة في المغرب، الذي يساهم بحوالى 10 في المئة من الناتج الداخلي، تكبد ما يفوق 64 مليار درهم (أكثر من 6 مليارات دولار) من الخسائر بسبب الأزمة المرتبطة بكورونا.
وبحسب الإحصاءات المسجلة في نهاية يونيو (حزيران) الماضي، انخفض عدد السياح الوافدين بنسبة 63 في المئة، ونسبة ليالي المبيت في الفنادق المصنفة بنسبة 59 في المئة، في حين تم تسريح آلاف العاملين بعد إغلاق أكثر من 80 في المئة من المنشآت والشركات السياحية.
الاندبندنت