أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

رحاب مراكز المحدثين في العصر الأموي

مدار الساعة,شؤون دينية
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - إذا تصفحنا صفحات التاريخ الأموي نجد علماء الحديث روادًا بارزين من رواد الحركة العلمية على مستوى الدولة الإسلامية، ومن نبغاء رجال الأمصار الإسلامية وأصحاب القِدح الـمُعلّى في رواية الحديث وتعليمه ونشره، وهم الحفاظ الأثبات المعتبرون صورة حية لصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، ونواة موسوعية متكاملة للسنة النبوية وعلومها.

وفيما يلى الصورة المصغرة عن رحاب مراكزهم العلمية العامة:

وانظر ترجمة هذه العبارة في واقع أمثال علقمة بن قيس النخعي الذى قال عنه ابن مسعود رضي الله عنه: ” لا أعلم شيئا إلا وعلقمة يعلمه”.[4] وعبيدة السلماني والأسود بن يزيد النخعي، الذين تخرجوا في مدرسة ابن مسعود رضي الله عنه وتسلموا راية حمل السنة النبوية وروايتها وحفظها وتأديتها للأجيال التالية، وهم من أَجَلّ من تدور عليهم سلسلة أسانيد أهل الكوفة وغيرها.

وناهيك بعبد الرحمن بن أبي ليلى، الذى أدرك مائة وعشرين من الصحابة، وإبراهيم بن يزيد النخعي أحد الأعلام، وكان بصيرا بعلم ابن مسعود، واسع الرواية، فقيه النفس، كبير الشأن، كثير المحاسن. وعامر بن شراحيل الشعبي رحمه الله، الذي يقول عنه ابن عمر رضي الله عنهما، لما رآه يحدث بالمغازي: ” لهو أحفظ لها مني، وإن كنت قد شهدتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم”[5]

والمقصود أن بلاد الكوفة في تلك الفترة امتلئت برجال الحديث الموثوق بهم، المشهورين بالصدق والأمانة، والذين كانت عنايتهم بالسنة النبوية – رواية ودراية – لا تقل عن عنايتهم واهتمامهم بالقرآن الكريم.

وهؤلاء الذين قاموا برعاية السنة حق الرعاية ولم يدخروا وسعا في تحملها وأدائها، وكرسوا حياتهم في ذلك السبيل حتى غدت السنة بالبصرة مشرقة ظاهرة واضحة، فأصبحت من المدن التي يشاد إليها الرحال لرواية آثار نبوية وآثار صحابية.

يقول الإمام السخاوي رحمه الله: وكثر بها العلم زمن معاوية رضي الله عنه ثم زمن عبد الملك وأولاده، وما زال بها فقهاء، ومحدثون، ومقرؤون، زمن التابعين فمن بعدهم…”[7] ولعلّ ما يزيد هذا الكلام وضوحاً عرض ما قاله أبو مسلم الخولاني رحمه الله لما قدم حمص حيث قال: دخلت مسجد حمص فإذا أنا فيه نحو من ثلاثين كهلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم”[8]

وهذا أفادنا أن الشام ينعم بوفرة التراث النبوي الصافي، ومن الطبيعي إذا كان الشام بهذه المثابة أن يصبح محجَّة الخير الواضحة والمنبع تهوي إليه أفئدة طلاب العلم يلتمسون فيه علما، ومن ثم وجدنا من نباتاتها الناصعة وخريجها النابغة:قبيصة بن ذؤويب وأبو إدريس الخولاني ومكحول رحمهم الله.

وكان من أكثر الصحابة تأثيراً في بلاد مصر: عمرو بن العاص وابنه عبد الله وعقبة ابن عامر رضي الله عنهم، ثم انتهت رياسة العلم إلى يزيد بن أبي حبيب رحمه الله، وكان شيخا للديار المصرية كلها ومفتيها بلا نزاع.

وكان الليث بن سعد رحمه الله يقول: هو عالمنا وسيدنا.[9]

وعن شرحبيل بن جميل رحمه الله قال: أدركت الناس زمن هشام بن عبد الملك والناس إذ ذاك متوافرون وكان بمصر يزيد بن أبي حبيب، وعُبَيد الله بن أبي جعفر، وجعفر بن ربيعة، وابْن هبيرة، والحارث بن يزيد.[10]

وكذلك بكير بن عبد الله بن الأشج المدني نزيل مصر، وعبد الرحمن بن شماسة المهري من ثقات المصريين، كان قد صحب زيد بن ثابت زمانا، وبكر بن سوادة الجذامي من ثقات أهل مصر، والضحاك بن فيروز الديلمي من الأثبات في الروايات، وسهل بن معاذ بن أنس الجهني من خيار أهل مصر، ومسلم بن يسار رضيع عبد الملك بن مروان صاحب أبى هريرة.[11] وغيرهم من الأفاضل.

ومن أمناء حملة السنة النبوية في اليمن أيضا: أخوان وهب وهمام ابنا منبه، وكانا من أهل الفضل والنسك والفقه ومن أهل الحديث الكبار الذين يشار إليهم بالبنان في علم السنة. وخلائق أخرى كثيرة من طراز العلم.

قال ابن حبان رحمه الله: وإنما وقع جلة أهل اليمن من التابعين بالشام ومصر فسكنوها ثم استوطنوها حتى لقد نزل بحمص وحدها من سكسك[13] وسكاسك قبيلتين من اليمن زهاء ألف نفس، إلا أن أكثرهم اشتغلوا بالغزوات والعبادات فلم يظهر كثير علم إذا هم أهل سلامة وخير، كانوا لا يشتغلون بما يؤدى التنوق من العلم وآثروا العبادة عليه.[14] ومع ذلك لهم أياد بيضاء في خدمة السنة النبوية كما لا تخفى.

ويوجد في خراسان خلق آخرون من نحارير المحدثين في هذا العهد الأموي، ولم يزل علم الحديث غضّاً عند أهل خراسان حتى كان من البلدان التى تشد إليها الرحال لرواية الحديث وكانت وليدة للصحيحين وغيرهما من أمهات كتب السنة فيما بعد.

مدار الساعة ـ