ليس من المتوقع أن يؤثر تغيير الحكومة على برنامج التصحيح الاقتصادي الموقع مع صندوق النقد الدولي ومدته أربع سنوات ليس فقط لأن وزير المالية الذي توصل إليه وهو الدكتور محمد العسعس استمر في موقعه مع الحكومة الجديدة وليس لأن البرنامج موقع بل لأن ما تريده أي حكومة من البرنامج لا يخلف مع ما يريده الصندوق ولأن المبادئ الأساسية التي تضمنها البرنامج لم تكن في محل خلاف على مر الحكومات والفرق كان دائما في التقاعس في تطبيق الإصلاحات.
بالنسبة للصندوق من المعتاد أن تتغير الحكومات في ظل برنامج ممتد وغالبا ما تكون الحكومة التي تنفذ الاتفاق غير الحكومة التي توقعه لكن الصندوق يطلب في العادة كتاب نوايا جديداً من الحكومة الجديدة تؤكد فيه إلتزامها ببنوده دون تحفظ على ما وافقت عليه الحكومة السابقة حتى لو كان لبعض الوزراء في الحكومة الجديدة مواقف مختلفة فالاستمرارية بين الحكومات، وتراكم الخبرات والإنجازات هو صفة عامة إلا إن كانت الأخطاء جوهرية تقتضي التصويب.
برنامج التصحيح هو اتفاق دولي لا يختلف عن أية اتفاقيات دولية وقعتها الحكومات السابقة وإن كانت المراجعات مشروعة لغرض تطوير الإتفاقيات وتصويب شروطها فهذا لا يعني النبش وراء الأخطاء لغرض الإدانة والتجريم لكسب شعبية على أكتاف حكومة أو حكومات وزير أو وزراء سابقين.
التفاوض على برامج التصحيح مع الصندوق مهمة يتولاها وزير المالية ومحافظ البنك المركزي، وهما المفوضان بالتوقيع نيابة عن الحكومة، والتغيير الحكومي لم يمس هذين الموقعين وإن كان الإتفاق في نهاية المطاف هو مسؤولية الحكومة ومجلس الوزراء صاحب الولاية.
حتى عندما تصوغ الحكومة الجديدة خطتها عبر الرد على كتاب التكليف السامي أو عبر خطة تنفيذية تأتي لاحقا فإنها تشير الى المبادئ الرئيسية التي تضمنها برنامج التصحيح والسبب أن هذا البرنامج هو خطتها الإقتصادية والمالية من خلال الموازنة العامة مثل التركيز على تخفيض عجز الموازنة الكلية للحكومة المركزية والوحدات الحكومية المستقلة، وتخفيض نسبة المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي بشكل ملموس والبطالة والفقر وشبكة الأمان الاجتماعي وتعزيز إحتياطيات البنك المركزي وغيرها من النقاط المتفق عليها.
الاقتصاد الأردني يمر بظروف صعبة زادتها جائحة كورونا صعوبة, وهي تتطلب إصلاحات شاملة عبر خطة شاملة فقد ثبت أن التخطيط بالقطعة غير مجد لأن القطاعات الإقتصادية متشابكة ورابطها الأساسي هو التكلفة.
الأردن بحاجة لشهادة حسن السلوك من الصندوق الذي يمثل الدائنين لتأمين تدفق المنح والتسهيلات ولم يكن الصندوق متهاوناً ومتعاوناً ومتفهما كما هو الآن. الرأي
qadmaniisam@yahoo.com