بقلم د.رولا عواد بزادوغ
معدل تفشي الجريمة أمسى مرعب لحياتنا اليومية وكما ذكرت في مقالة سابقة عن الصحة النفسية، أود أن أذكر بأهمية ايجاد مؤسسة أو وزارة تُعنى بوضع سياسات وإجراءات واضحة لخلق وتعزيز "ايدولجية المواطنة"
وتأهله وتدربه عليها من خلال منظومة عمل متكاملة تشمل جميع القطاعات الخاصة، العامة، الغير ربحية ...الخ.
كما تعمل على وضع برامج تأهيل وإصلاح عملية واقعية تساعد الإنسان تطوير ذاته وتحسينها وعدم معاقبة/مكافأة الناس جميعهم بنفس الآلية بل وضع آلية لتميز بين الصالح والطالح وتساعد الطالح على التحسن المستمر من خلال إخضاعه لبرنامج عام ولكن فردي يراعي ايدولوجيته ومدى سوء/قبح فعله ليرتدع ويعدل من نفسه وسلوكه بمعنى آخر (صحته النفسية).
ومما يتضح أن الصحة النفسية أمست من الجوانب المهملة فى الصحة العامة للبشر، وحسب تقارير منظمة الصحة العالمية يوجد ما يقرب من مليار إنسان فى جميع أنحاء العالم يعانون من الاضطرابات النفسية وخاصة فى ظل انتشار جائحة كورونا التى تفاقم أثرها على صحة البشر النفسية لغياب المجهودات المبذولة فى دعم الصحة النفسية والانشغال بعلاج الحالات المصابة أو العمل على الحد من انتشارها.
والنسبة القليلة جداً هم من يتلقون الرعاية النفسية و/أو يسعون للحصول عليها.
علماً بأن فى غيابها وعدم الإنتباه لها تزداد معدلات الإقبال
على الانتحار و/أو الإدمان و/أو الجريمة، لهذا السبب دعت منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع المنظمات الأخرى التى تهتم بالصحة النفسية إلى إحداث زيادة كبيرة فى الاستثمارات الموجهة لقطاع الصحة النفسية وخاصة بعد جائحة كورونا وما واجهه العالم من ذعر وافتقاد إلى الدعم النفسي.
كما أن للصحة النفسية دور كبير في حياة الإنسان في جميع مراحل حياته وتزداد أهميتها من فترة المراهقة وصولاً لسن الرشد وما يمر به من تغيرات تؤثر على صحته النفسية الأمر الذى قد يصيبه ببعض الاضطرابات و/أو الصدمات النفسية، ويندرج تحت هذه التغيرات بجانب انتقاله من حياة الدراسة إلى حياة العمل الضغوط الناجمة عن استخدام وسائل الاتصال ، بالإضافة إلى تلك الفئة من المراهقين الذين يعيشون فى ظروف صعبة من انتشار الأوبئة أو وجود حالة من النزاعات فى مجتمعاتهم أو تأثير الكوارث الطبيعية على حالتهم العقلية والنفسية.
ومن أبشع الاضطرابات النفسية على الإنسان - الإكتئاب فهو من المشاكل النفسية الخطيرة، إذ أنه قد يُصيب جميع الفئات العمرية، ويؤثر بقدر كبير على تمكنهم من إنجاز حتى الأشياء البسيطة اليومية في حياتهم، وفي حالات أخرى قد ينتهي بالشخص إلى مصير خطير قد يكون الانتحار و/ أو التوجه إلى حياة الجريمة.
التمتع بحق الإنسان لعيش حياة كريمة وسعيدة يؤدي إلى انخفاض معدل الإصابة بالاضطرابات النفسية وبالتالي انخفاض و/أو انعدام معدل الجريمة و/أو الانتحار.
العمل على خلق "ايدولجية المواطنة" هي التي ستنقذ مجتمعنا الإنساني من ايدولجية الغاب - حالة غزو الوحوش البشرية - التي وصل لها أبناؤنا وبناتنا نتيجة لإهمال ذلك والنظر له بعين التهميش وانعدام الأهمية.
أمننا الأيدولوجي (الفكري، المجتمعي) هو ما سيحمينا ويحمي أجيالنا القادمة من العنف والتطرف وأسبابه من البذور وحتى الجذور.