مدار الساعة - رفع رئيس الوزراء الدكتور بشر هاني الخصاونة إلى جلالة الملك عبدالله الثاني رد الحكومة على كتاب التكليف السامي.
وفيما يلي نصه:
"بسم الله الرحمن الرحيم
مولاي صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه وسدد على طريق الخير خطاه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
فإنه ليشرفني يا مولاي أن أرفع إلى مقامكم السامي أصدق آيات الولاء والإخلاص، مقرونة بالدعاء إلى الله العلي القدير أن يحفظكم ويديمكم ذخراً لوطننا العزيز وأمتنا العربية.
لقد شرفتموني أعظم الشرف يا مولاي، بتكليفي بتشكيل الحكومة والنهوض بأعباء المسؤولية لخدمة وطننا الغالي وشعبنا العزيز، ولقد منَّ الله عليَّ أن أعمل عن قرب بمعيتكم مستشاراً لجلالتكم في ظرف استثنائي وصعب خلال العامين الماضيين، وقد نهلت خلالهما من مدرستكم أسمى قيم الأخلاق والإنسانية والحرص المقدس لدى جلالتكم على إعلاء قيمة الإنسان الأردني والحرص على تلمس احتياجات الناس، وبما تحملونه من قيم الإيثار وفضائل الأخلاق الشخصية والسمات القيادية واحترام الإنسان المطلق وتواضع العظام.
سيدي صاحب الجلالة الهاشمية،
إن الحكومة ستتخذ من مضامين كتاب التكليف السامي نهجا قويماً للعمل أساسه الإنجاز وعلى قاعدة أنه لا مجال للأخطاء أو التباطؤ أو التردد باتخاذ القرار، وليس أمامنا إلا أن نصل الليل بالنهار وأن نبذل كل طاقاتنا لتذليل العقبات والتحديات، وتحقيق الإنجازات المرجوة خدمة للوطن والمواطن.
وفي هذا المجال تؤكد الحكومة على أنها ستولي الملف الوبائي أهمية خاصة مع العمل على تحسين الخدمات العلاجية الأخرى من خلال الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية المختلفة وضرورة إيجاد آلية للتنسيق والتشاركية بين القطاعات الصحية جميعها، والحفاظ على مستوى متقدم للبرنامج الوطني للمطاعيم والرعاية الصحية الأولية، والعمل على إيجاد آلية فاعلة قابلة للتطبيق لضمان توسيع قاعدة المشمولين في برنامج التأمين الصحي، وزيادة قدرات المراكز الصحية الشاملة وتعزيز البرامج التدريبية للأطباء في مختلف الاختصاصات الصحية من خلال إضافة برامج جديدة وتطوير البرامج التدريبية المعمول بها حاليا، مما يسهم مستقبلا في زيادة أعداد الأطباء في الاختصاصات الطبية.
أما فيما يتعلق بملف "كورونا" فإن الحكومة ستواجه هذا الوباء من خلال العمل على تطوير استراتيجية الرصد والتقصي الوبائي للتعامل مع مرحلة الانتشار المجتمعي من خلال إيجاد آلية محددة لفرق التقصي في تعاملها مع الحالات المؤكدة والمخالطين، وكذلك زيادة قدرات المختبرات وتوزيعها على مختلف محافظات المملكة، فضلا عن إيجاد محطات ثابتة ومتحركة لأخذ العينات وإيصالها إلى المختبرات المعتمدة مما يضمن سرعة تشخيص الحالات وعزلها.
كما وستعمل الحكومة على متابعة التطورات المتعلقة باللقاحات وضرورة توفيرها حال ثبوت مأمونيتها ونجاعتها، وستعمل الحكومة على زيادة قدرات المستشفيات وزيادة عدد الأسرة وخاصة أسرة العناية الحثيثة وإشراك مختلف القطاعات الصحية في خطة التصدي لهذا الوباء.
وستقوم الحكومة على الفور باختيار شخصية طبية تتولى مسؤولية جميع التفاصيل المتعلقة بالوباء ومتابعتها مع معالي وزير الصحة، مما يسهم بتجويد التعامل مع هذا الملف.
وسيتم تشكيل فريق حكومي من الوزراء المختصين للعمل على سرعة إنجاز المهام والقرارات المتعلقة بمواجهة الوباء لرفع سوية التنسيق والمتابعة بين الوزارات واللجان القطاعية المعنية، ولسد أي ثغرات حيثما وجدت، ولضمان متابعة تنفيذ القرارات بالنسبة لمواجهة الوباء وغيره من الملفات، فقد تضمنت التشكيلة الحكومية وزيرا يتولى شؤون التنسيق والمتابعة لمختلف الإجراءات والقرارات الحكومية المتخذة بهذا الشأن.
وستعمل الحكومة على الإسراع بإنشاء المركز الوطني للسيطرة على الأوبئة والأمراض السارية ووضع الإطار القانوني والهيكلي لهذا المركز بما يلبي الأهداف المرجوة من إنشائه سواء في الجوانب العلاجية والوقائية والبحثية والرقابية، بحيث يكون قائما وعاملا خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
وتؤكد الحكومة على أن التعامل مع وباء كورونا لا بد أن يتصف بالشفافية والانسجام مع الدلائل العلمية، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الموازنة ما بين الجانب الصحي والتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية للمواطنين والقطاعات المختلفة، وبما يضمن وضع صحة المواطن فوق كل اعتبار كما وجهتم جلالتكم.
وإذا كانت تداعيات الوباء قد ألجأتنا إلى اعتماد نمط التعلم عن بعد، فإننا سنقيّم على وجه الدقة والسرعة، المنظومة التعليمية، وسنعمل على إنضاجها وتطويرها لمواجهة كل طارئ سواء هذا الوباء أو غيره، وعلى قاعدة أساسية أن المكان الطبيعي للطلبة هو مدارسهم وغرفهم الصفية، حتى وإن اضطررنا لحمايتهم من الوباء باللجوء إلى أسلوب التعليم عن بعد، والذي نأمل وسنعمل على أن يكون إجراء مؤقتا، وهو ما ينطبق على جامعاتنا وطلبتها.
كما تلتزم الحكومة بالاستمرار بالإصلاحات الهيكلية الاقتصادية والمالية وبما يدعم بيئة الأعمال ورفع تنافسية المملكة إقليميا وعالميا، بما في ذلك تعزيز تنافسية مواردنا البشرية والعمل على تحفيز سوق العمل الأردني في القطاعات الاقتصادية الواعدة.
كما أننا سنلتزم ونعمل على طمأنة المواطنين على أن المال العام مصان ومدار بأعلى درجات الشفافية والحرص، ولن نتهاون مع كل من تسول له نفسه الاعتداء على المال العام وحقوق المواطن والدولة، وفق معايير الشفافية الكاملة وتفعيل وتعزيز آليات الرقابة ومؤسساتها بشكل محكم، وسيادة القانون على الجميع، وأن يكون قضاؤنا المستقل النزيه هو صاحب الكلمة الفصل في أي ملفات تشوبها شبهة فساد أو اعتداء على المال العام.
وفي هذا الصدد نؤكد التزامنا بالمضي قدماً في محاربة الفساد المالي والإداري والتصدي له بكل قوة وحزم، والتقيد الصارم مني ومن زملائي في الحكومة بأعلى درجات الشفافية والنزاهة والحيدة والموضوعية التي نقف فيها مسؤولين أمام الله وأمام جلالتكم وأمام المؤسسات الرقابية والمواطنين، وأن نلتزم تماما بنص الدستور وروحه ضمن أطر الرقابة والمساءلة وبخاصة أمام مجلس الأمة.
كما ستقوم الحكومة بإعداد وتقديم موازنة واقعية وقابلة للتطبيق تعكس الإيرادات والنفقات المتوقعة بدقة وواقعية، بما يوائم بين متلازمة الحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي وتحفيز إنتاجية القطاع الخاص بهدف خلق فرص العمل لخفض معدل البطالة ومحاربة الفقر.
كما ستهدف الموازنة إلى وضع المالية العامة على طريق واضح لخفض الدين العام وخدمته.
لقد جاءت تشكيلة هذه الحكومة بحدود عدد الوزارات المتعارف عليها لتشكيل الحكومات. والتزاما وتجسيدا لتوجيهكم السامي بالبدء بتطوير الجهاز الإداري للدولة، فإننا سنقوم بتنفيذ دراسة مبنية على أسس علمية خلال الشهور الثلاثة المقبلة، وتقديم مطالعات حول إمكانية دمج بعض الوزارات والهيئات لرفع كفاءة القطاع العام وتحسين مستوى الخدمة وضبط النفقات.
كما ستواصل الحكومة السعي الأكيد لتجسيد أوسع مشاركة للمواطن في صنع القرار الوطني الشامل تجسيدا لمسيرة الإصلاح التي يقودها جلالتكم، وتجذيرا للتجربة الديموقراطية في بلدنا العزيز.
وفيما يتعلق بقطاع السياحة، فإن الحكومة عازمة على التوصل إلى حلول مبتكرة إبداعية لتخفيف الأضرار التي لحقت بالقطاع السياحي نتيجة جائحة كورونا حيث يعتبر من أكبر القطاعات المتضررة من الجائحة، ما يستوجب العمل الفوري لإعادته إلى نشاطه وحيويته كمورد رئيسي للاقتصاد الوطني وخلق الفرص وجذب الاستثمارات فيه.
كما وستعمل الحكومة على تنفيذ توجيهات جلالتكم بالاستمرار في هيكلة قطاع الطاقة بما ينعكس على زيادة كفاءة استخدام الطاقة في مختلف القطاعات، وخفض كلفها على الاقتصاد الوطني، وتطوير منظومة القطاع لضمان أمن التزود بالطاقة وزيادة الاعتماد على المصادر المحلية.
وستقوم الحكومة بوضع الخطط واتخاذ الإجراءات اللازمة للإسراع في تحسين وتفعيل منظومة النقل العام المستدام وزيادة كفاءة وسائل النقل العام، من خلال توظيف التكنولوجيا واستخدام الطاقة المتجددة والحلول الذكية وبناء قدرات العاملين بهذا القطاع، لما لذلك من أثر كبير في زيادة إقبال المرأة والشباب على العمل.
وستولي الحكومة الشباب جل اهتمامها، وهم جيل المستقبل الواعد، وستضع الحكومة كل الخطط والبرامج اللازمة للنهوض بقطاع الشباب ورعاية اهتماماتهم وإبداعاتهم التي شكلت مفخرة بين شعوب العالم، وهو ما يلقي علينا مسؤولية تمكينهم ورفدهم بكل أسس المعرفة والتكنولوجيا والبيئة الحاضنة لطاقاتهم.
وستستمر الحكومة في دعم وتحفيز الريادة الرقمية وبرامج تعزيز الحكومة الإلكترونية، إذ خطا الأردن خطوات جيدة في هذا المجال، والقطاعات الأردنية مؤهلة لتستوعب المزيد من هذه المعرفة والتكنولوجيا الرقمية التي باتت حاجة ضرورية وملحة لا غنى عنها لدول وشعوب العالم.