مدار الساعة - اختتم مركز الملك عبدالله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات (كايسيد) لقاءه التشاوري لمنتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين لشباب وزملاء المركز الذي انطلق افتراضيًّا من مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية عبر المنصات الإلكترونية، بمشاركة نحو (200) شخصية شبابية دولية، ومن مختلف الثقافات والأديان، نوقش أفضل التوصيات التي تم رصدها تمهيدًا لمناقشتها في منتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين، المزمع انطلاقها يوم 13 أكتوبر الجاري، ويستمر لمدة خمسة أيام.
وبدأ اللقاء في تمام الثالثة عصر يوم الخميس (8 أكتوبر 2020م)، بالجلسة الافتتاحية التي تضمَّنت كلمة معالي الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمر أمين عام المركز. أوضح خلالها معاليه أنَّ المملكة العربية السعودية، صاحبة مبادرة الحوار العالمي بين أتباع الأديان والثقافات والعضو المؤسس لمركز الحوار العالمي بجانب إسبانيا والنمسا والفاتيكان عضو مؤسس مراقب، وقال: "إنَّ تنظيم منتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين في العاصمة الرياض له أهمية خاصة بالنسبة لنا في إشارةٍ إلى إنجاز رسالة مركز الحوار العالمي وتلبية التزامات المملكة العربية السعودية بشأن إجراء حوار هادف بين أتباع الأديان في محاولة لتقريب وجهات النظر الدينية.
وأكد الأمين العام أنَّ هذا الاجتماع على جانب كبير من الأهمية "لأنه يوصل رؤى وتصورات ومقترحات زملائنا وشبابنا إلى قادة العالم الذين يجتمعون في قمة مجموعة العشرين. كما يهدف منتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين إلى ضمان تمثيل القيادات والمؤسسات الدينية، بأكبر قدر ممكن، وإدراج توصياتهم في صناعة السياسات.
وأوضح ابن معمر أنّ الحوار بين أتباع الأديان آلية معترف بها لوضع لبنة مجتمعات مسالمة ومزدهرة، وقال: "رحلتنا إلى فعاليات منتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين هذا العام في يونيو الماضي، استهلت بسلسلة من ستة اجتماعات إقليمية جمعت أكثر من 500 مشارك إلى أن تتوج مساعيها بالنجاح في أعقاب فعاليات منتدى القيم الدينية العالمي المقرر انعقادها في الرياض بالمملكة العربية السعودية في غضون الأيام المقبلة، حيث ستُرفع هذه التوصيات والدروس المستفادة من الاجتماعات الإقليمية وهذا الاجتماع إلى قمة مجموعة العشرين".
كما ناشد معاليه الشباب ودعاهم إلى استثمار فرصة هذا اللقاء؛ لإلهام الجميع ببساطة الحديث وعمق الطرح ودقة التفكير حول التحديات التي نواجهها جميعًا، حتى نتمكن من رفع رؤاكم وتوصياتكم المقترحة لقادة العالم بكل وضوح وشفافية".
وتحدث معالي المفوض السامي لتحالف الأمم المتحدة للحضارات ميغيل أنخيل موراتينوس قائلاً: "ندرك، في تحالف الحضارات، أن الشباب هم أحد ركائزنا، ونحن نعمل معهم ومن أجلهم"، وأضاف: " أن تحالف الحضارات يعترف بالشباب كشركاء أساسين في تعزيز التفاهم المتبادل بين الشعوب من مختلف الثقافات والأديان".
كما أكد موراتينوس على أن "الشباب كانوا يتطوعون في الخطوط الأمامية، ويقدمون الدعم لبلدانهم في مواجهة جائحة كورونا". وشدَّد معاليه على أهمية الأدوار المنتظرة من القيادات والمؤسسات الدينية والإنسانية المختلفة بالنظر إلى توافر أكثر من ثمانية من كل عشرة أشخاص ينتمون إلى مجموعات دينية مختلفة في جميع أنحاء العالم، معلناً التزام تحالف الأمم المتحدة للحضارات كأحد كيانات المنظمة الأممية في مجالات الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، بدعم منتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين، لأنه «يوفر منصة حيوية للقيادات الدينية والجهات الفاعلة الدينية الأخرى من أجل توفير معالجات للقضايا الاجتماعية الملحة".
وتحدثت معالي نائب رئيس اللجنة الكشفية العالمية جميما نارتي عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كمنصة للحوار بنوعية الإيجابي والسلبي، مؤكدةً: "أنّنا نعيش في القرية العالمية التي جعلها الإنترنت خيمةً صغيرة مملوءة بكافة أنواع الخطب، كما أنها جلبت مخاطر كثيرة وفي مقدمتها خطاب الكراهية فيما بين المجتمعات المختلفة، وخصوصًا فيما بين الشباب".
وأضافت نارتي: "لقد أصبح خطاب الكراهية في متناول الجميع، وبأشكاله وصوره المختلفة ولأسباب دينية وعرقية وجنسية، وبالذات في الوسط الشبابي، لافتة إلى أن أكثر من نصف سكان العالم، أي ما يقارب خمسة مليارات شخص يستخدمون الإنترنت، وشبكات التواصل الاجتماعي، ويجدونها منصة مناسبة للتواصل ونقل المعلومات، ولكن السؤال المطروح: هل هي إيجابية على الدوام؟".
وأكدت نارتي على أنَّ "ظاهرة الكراهية مسؤولية الجهات، سواء أكانت حكومية أم أهلية، أم منظمات مجتمع مدني". وأضافت بأن "من حسن الحظ أن قمة العشرين ومركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات يتيحون الفرصة للحوار حول هذه الأمور لإيجاد السبل الممكنة للتخلص منها".
أما معالي الدكتورة كاثرين مارشال، من مركز بيركلي بجامعة جورجتاون؛ فقد تحدثت عن ضرورة قيام قمة مجموعة العشرين بتحمل مسؤوليتها في مواجهة جائحة كورونا، مضيفةً: "أعتقد أنها تؤدي دورًا مهمًّا في كثير من الأزمات والجوائح".وأضافت مارشال بأن: "العالم يحتاج اليوم إلى تضافر كل الجهود الطيبة، وخصوصًا جهود الشباب، وإن لم تتوحد الجهود فسوف ندفع الثمن قريبًا، لأننا بحاجة إلى كل فكرة، وكل جهد حتى نستطيع مواجهة هذه الجائحة الكبيرة التي تهدد وجودنا في كل مكان من العالم". وأوضحت معاليها أنّ: "هناك خطًا آخر يجب الاهتمام به وملاحظته، وهم اللاجئون والمهجرون، داعيةً إلى ضرورة أن نتكاتف بحثًا عن تقديم الحلول، والسعي لبسط السلام العالمي، وسبل إيقاف الحروب والنزاعات الدولية"
وقد تضمن اللقاء ثلاث ورش عمل، دارت الأولى حول جائحة كورونا، ومناقشة جوانب الأزمة التي خلَّفتها، ودور الشباب في مواجهة هذه الجائحة، وتناولت الورشة الثانية احتياجات اللاجئين والمهاجرين وتقديم الحلول لهم، مع التركيز على النساء والشباب، وأما الورشة الثالثة فكانت عن التغيُّرات المناخية وأثرها على البيئة.
يُذكر أن مشروع سلام للتواصل الحضاري أسهم بشكل واضح في هذا اللقاء، إذ شارك نحو (20) شاباً وشابة من خريجي برنامج تأهيل القيادات الشابة للتواصل العالمي الذي يقوم عليه سلام بهدف تعزيز التواصل الحضاري وتبادل التجارب في عدد من المجالات، كما قامت الشابة رزان العقيل أحد أعضاء مشروع سلام بإدارة الجلسة الافتتاحية للمنتدى، وأدارت الشابة العنود العفيصان - إحدى خريجات برنامج القيادات الشابة للتواصل العالمي - ورشة العمل المتعلقة باللاجئين والمهاجرين.
وانتهت الفعاليات في الساعة السادسة مساءً من اليوم نفسه (الخميس)، بحفلٍ ختامي، تولى مشروع سلام إدارة الجلسة الختامية، وقدَّم الشباب فقرة ثقافية فنية تضمنت عدداً من الفعاليات التي مثلت بعض جوانب الثقافة السعودية، وأبرزت تنوعها وثرائها، وقام شاب سعودي بالعزف على العود والجيتار، ووجدت الفقرة استحسان المشاركين.