مدار الساعة - كتب: زيد نوايسة
المؤكد أن ثمة مؤشرات موضوعية رجحت الرأي لدى صانع القرار بتكليف الحكومة المستقيلة بتسيير الأعمال وفي أضيق نطاق لحين تكليف رئيس جديد للحكومة وتشكيلها حتى لا يكون هناك فراغ بالمعنى الدستوري.
التكليف بتسيير الأعمال مرتبط حصرا باستمرارية التعامل مع أي تطور وبائي قد يستدعي اتخاذ قرار ضروري من مجلس الوزراء حتى لو كان مكلفا بتسيير الأعمال قد يكون من الصعب اتخاذه ممن هم أقل وظيفيا كالأمناء العامين، إذ كيف يمكن لهم إصدار أمر دفاع إذا استدعت التطورات الوبائية ذلك وهو أمر غير مستبعد في أي لحظة.
السجال الدائر بين رجال القانون والخبراء الدستوريين حول دستورية سيادة العرف الدستوري من خلافه مبرر ومطلوب وحضاري وهو دلالة على حيوية المجتمع وإعلائه ثوابت الدولة وأهمها الدستور ولكن يجب ألا يطغى على الأولويات الآن.
الأهم من ذلك هو أننا بلد يحرص فيه جلالة الملك على الالتزام بإنفاذ المهل الدستورية كما هي بالرغم من حراجة الظرف ودقته، فقد حُل مجلس النواب في الموعد الدستوري حتى لا يكون هناك تمييز بين المرشحين واستقالت الحكومة والمتوقع ألا تتأخر عملية تكليف رئيس جديد يحتاج الدعاء والدعم قبل معرفته فالمرحلة استثنائية.
الاستحقاق اللاحق لتشكيل الحكومة العتيدة هو إجراء الانتخابات النيابية التي حددت لها الهيئة المستقلة للانتخابات العاشر من الشهر القادم موعدا للاقتراع، وهي ماضية في الأمر إذ سيبدأ اليوم الترشح رسميا ويستمر حتى مساء الخميس القادم.
من الواضح أن هناك من يدعم سيناريو تغيير موعد الاقتراع طالما أنه متاح دستوريا، كما أشار لذلك رئيس الهيئة باعتباره من صلاحيات مجلس المفوضين في حال انتشار الوباء بشكل يتعذر معه إجراء الانتخابات لخطورة ذلك وللقلق من تدني نسبة المشاركة.
نسأل هنا: في حال الذهاب للتأجيل هل ثمة إمكانية للسيطرة على الوضع الوبائي بعد 4 أشهر أم نفتح بالمندل كالعادة؟ سبق وجربنا ذلك خلال أشهر ووصلنا للمشهد الحالي، فهل نضمن ألا ينتشر الوباء بفعل أجواء الشتاء بشكل كبير وعندها لن يكون ممكنا التأجيل حيث يصبح الخيار الوحيد هو دعوة المجلس المنحل للانعقاد من جديد.
يفصلنا عن الاقتراع 35 يوما، وستتضح الصورة أكثر خلال الأيام القادمة. في حال غُلِّب خيار التأجيل قد تستمر حكومة تسيير الأعمال لفترة طويلة ولا نعرف إذا كان هذا مستساغا أو مقبولا دستوريا إذ يبدو أن هناك رغبة حكومية شديدة بذلك لكن الأمر ليس خيارها في النهاية.
المأمول ألا تسترخي الحكومة كثيرا وتأخذ دواعي التكليف بتسيير الأعمال بمثابة تجديد للثقة، فالرسالة الملكية واضحة وهي تسيير أعمال الحكومة في ظل الوباء وبالتالي الابتعاد عن الشكليات والتركيز على الملف بعيدا عن المظاهر التي قد توحي بأننا أمام حكومة فعلية وليس حكومة مستقيلة كما ظهر في الاجتماع الأول المسمى “اجتماع حكومة تصريف الأعمال”.
نقترب من قرارات تتعلق بمستقبل الانتخابات ومستقبل حكومة تسيير الأعمال. بمعزل عن ذلك من المهم أن يكون المعيار والأولوية التقليل من تداعيات كورونا صحيا واقتصاديا بعيدا عن الطقس الفلكلوري الذي صار متلازمة في حياتنا وهو الحكومة ومن يشكلها ومن هم فريقه.
الغد