يمضي الأردن ثابتا في خطواته رغم التحديات التي تفرضها جائحة كورونا التي ألمت به وبكل دول العالم، إذ تؤشر الإرادات الملكية التي صدرت أمس بحل مجلس النواب ومجلس الأعيان وتعيين رئيس وأعضاء المجلس، على وجود إرادة سياسية تحترم الدستور وتعلي مكانته، وتؤكد أن الدولة واثقة بنفسها وبمؤسساتها وبكافة أجهزتها ومكوناتها.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فهذه الإرادات تحسم الجدل في شأن إجراء الانتخابات في الموعد المقرر في 10 /11، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة اتباع جميع الاحتياطات الصحية والوقائية اللازمة لضمان نجاح هذه العملية التي تجري في ظرف وبائي استثنائي.
راهن الكثيرون على أن للمرحلة إفرازاتها الخاصة بها، ومن شأن تفشي وباء كورونا مجتمعيا أن يفرض تأخيرا في تنفيذ الاستحقاقات الدستورية في البيت التشريعي، إلا أن الاستحقاقات نفذت بلا تردد، وكانت أولى نتائجها مجلس أعيان بتركيبة تؤشر على متانة الجبهة الداخلية المتماسكة وبتمثيل متوازن لمختلف القطاعات والفئات.
مجلس الأعيان ضم في تركيبته الجديدة جميع القطاعات والمكونات المجتمعية، وراعى الأبعاد الديموغرافية عبر شموله على شخصيات وطنية تمثل أكاديميين وخبرات فاعلة في المجتمع، ورجالات دولة لهم مسيرتهم العملية، وبرلمانيين سابقين، مع تشكيل متقدم للمرأة الأردنية، ما يؤكد على دورها النهضوي في المجتمع.
ويقرأ من تشكيلة المجلس أن هناك حرصا في هذه المرحلة الحساسة على تمكين كبار المتقاعدين العسكريين، والتأكيد على أن لهم دورا فاعلا ومهما في الحياة العامة.
المحافظات الأردنية أخذت أيضا الاهتمام المناسب عبر زيادة التمثيل للعديد منها، ما يؤشر على الإيمان والقناعة التامة بأهمية ودور أبناء الوطن من جميع المحافظات، في عملية النهوض والتطوير المطلوبة.
ولطالما كانت المحافظات محط اهتمام ملكي، خصوصا عند الحديث عن التنمية في ظل ما تصدره من كفاءات يشهد لها، وكان لها اسهام كبير وبارز في مختلف المجالات، بينما بقي واقعها يئن تحت ضغوط معيشية صعبة.
الآن، الأردنيون بانتظار تشكيلة حكومية جديدة، تبني على ما أنجزته سابقتها، وتعالج ما أخفقت به، وبالذات في الجوانب المتعلقة في جائحة كورونا وتبعاتها على الصحة والاقتصاد ونحن نمر في مرحلة تضاعفت بها الأرقام والإصابات، وأعلنتها العديد من دول العالم موجة ثانية للفيروس الذي حتى الآن لا يلوح بالأفق إيجاد أي لقاح أو علاج فعال في مواجهته.
كل تلك الخطوات والإجراءات جاءت ضمن منظومة دستورية واضحة وكان الالتزام الملكي بها كبيرا، ويؤشر على متانة وقوة الدولة الأردنية وصلابتها، وهي التي مرت عبر عمرها الذي قارب على مائة عام بأزمات سياسية واقتصادية عاتية، وظلت صامدة ومتماسكة، وبحضور على الصعيدين العربي والدولي أهلها لأن تحتل مكانة بارزة، ومتقدمة ينظر لها ولتجربتها في كثير من الأحيان كقدوة يمكن السير على خطاها في مجالات عديدة ومنها المثال الحالي بالالتزام بالاستحقاقات الدستورية في ظل الوباء العالمي.
هذا الالتزام ليس رسالة داخلية فقط، وإنما له امتدادات إقليمية وعالمية، بحيث يعكس قدرة الأردن على الاستمرار في الحياة الطبيعية في ظل أصعب الظروف وأكثرها دقة وحساسية.الغد