أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات جامعات برلمانيات رياضة أحزاب وظائف للأردنيين مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

فايز الفايز يكتب: اقتصادنا، جعفر حسّان يسأل..فهل من مجيب؟

مدار الساعة,مقالات,جعفر حسان,نائب رئيس الوزراء
مدار الساعة ـ
حجم الخط

أصدر د.جعفر حسّان نائب رئيس الوزراء ومدير مكتب الملك سابقا، كتابه "الاقتصاد السياسي الأردني، بناء في رحم الآزمات" منذ تأسيس الدولة حتى بداية هذا القرن المأزوم، وصدر الكتاب عن دار الآن للنشر، كمنهج لدراسة سيرة حياة اقتصاد الدولة عبر مئة عام، من المهد الى آخر عهد، وبالأرقام والاحصائيات عن الاقتصاد الأردني نشوءا فارتقاءً حتى المنحنى المتدني وتراكم أزمة المديونية، والكتاب يعد مرجعا مشتملا على مصادر تاريخية ومتنوعة للاقتصاد الاردني عبر جسور متقطعة حتى أصبح معلقاً في الفراغ العالي.

كثير منا لا يلتفتون عادة الى الأقوال والكتابات التي يخرج بها أي مسؤول سابق، مستندين الى تهمة المشاركة بحكومات قوضت قواعد الاقتصاد أو السياسة التي نحلم بها، ولكن ما أخرجه حسّان ليس فرضيات دفاعية، بل هو دراسة تعطي القارئ مسارا لقبضة السياسة الدولية والمحليةعلى نهج الحكومات طيلة القرن الماضي في التعاطي مع المسألة الاقتصادية وعلى أساس أننا دولة ريعية تستعين بالمعونات أكثر من الإنتاجية السوقية،وقد تمت مناقشة الكتاب في مركز الدراسات الاستراتيجية، وكل من كتب عنه ربطه بجملة الاقتصاد السياسي المستخدمة للكاتب، ولكن هناك لُبس ما.

فالاقتصاد الرسمي، بصفته الأردنية، بدأ منذ تأسيس الإمارة 1921 التي بدأت بإدارة حكومية متواضعة تحت إشراف عسكري بريطاني يقودها شخصيات من حزب الاستقلال السوري وبموازنة متواضعة من البريطانيين مخصصة لتأسيس قوة عسكرية، وما أن جاء العام 1923 حتى أصدرت الحكومة قوانين ضريبية على مصالح الفلاحين وأهل المدن ومكوسا على مواشي البدو، وبدأ من هناك تسلل الإخضاع الضريبي غير المجدي، وحتى نهاية عقد الأربعين من القرن العشرين كان الدعم المالي الأساس يتأتى من السلطة البريطانية، ما جعل الصفة هو الاقتصاد العسكري رغم تداخل السياسي بها.

من هنا عرفنا كيف أن الأردنيين بمجملهم كانوا يذهبون الى الجيش أكثر من الوظائف المدنية، وكيف انعكس الإدرار المادي على عموم الأسرّ لأن إستثمارهم كان بآبائهم وأبنائهم العسكر، يقابله عدد من الإقطاعيين المحليين وتجار السوق الذين هاجروا الى الأردن مبكرا، ولم تكن عناصر الانتاج متوفرة، فليس هناك ميناء العقبة الذي جاء متأخرا، وبقي الاقتصاد متواضعا والموازنة تعتمد على المساعدات الخارجية من الانجليزثم السعودية والعراق،قبل انفكاكنا عن "الكتلة الإسترلينية" وتوجهنا الى كتلة الدولار مع الولايات المتحدة نهاية الخمسينات.

ولست هنا لمناقشة الكتاب المهم ،الذي يحتاج لمقالات والى ناقدين مختصين، بل لقراءة عاجلة عما حدث لنا من تراجع اقتصادي كبير في السنوات المتأخرة رغم التمدد التجاري والانفتاح على الأسواق العالمية، وازدياد مفرط في عدد السكان، فقتلنا سوق القرية وأهملنا الزراعة،وتخلينا عن مصادر الإنتاج لصالح الشركاء الاستراتيجيين والارتهان الأسهل للخصخصة، والاعتماد على المساعدات والمنح والقروض التي إلتهمت خزائننا الرسمية والشعبية.

الكتاب يشتمل على إضاءات هامة وتفسيرات ضرورية عما حدث سابقا ويدفع بالبينات لصالح حقبة ما بعد عام2000،ولعله الأول الذي يدافع عن النهج الملكي العبدلي في التحول من الريعية الخارجية الى الاعتمادية الداخلية وانجازات لم يعظمها المسؤولين ،خصوصا رؤساء الحكومات الذين خرجوا ليدافعوا عن أنفسهم فقط وأيديهم مغموسة بأخطاء كارثية أعادت مديونيتنا الى الاختناق والنزع الأخير، ولكن أحدا لن يستطيع الإجابة على سؤال الكاتب والكتاب المهم وهو: كيف نمضي للأمام؟

Royal430@hotmail.com

مدار الساعة ـ