مدار الساعة - خلص تقريران عماليان الى أن شروط العمل في الاردن، اكانت للاردنيين او للمهاجرين، ما تزال تشهد تراجعا "جراء سياسات حكومية متعاقبة، لم تفلح بتوفير بيئة عمل لائقة".
وصدر التقريران بمناسبة عيد العمال، الذي يصادف غدا، الاول؛ عن المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية، بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية، والثاني عن مركز تمكين للدعم والمساندة.
وبينا ان تدهور شروط العمل في الأردن، هو "نتيجة حتمية لجملة سياسات اقتصادية واجتماعية، وضعتها ونفذتها الحكومات المتعاقبة، فهي لم تساعد على خلق فرص عمل كافية لطالبيها من خريجي النظام التعليمي، ما أدى لتعميق مشكلات القوى العاملة وتعزيز اختلالات سوق العمل".
ولفت تقرير المرصد، الى ان المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الأساسية الحالية، تشير بوضوح الى استمرار صعوبة الأوضاع الاقتصادية، فمعدل النمو الاقتصادي لم يتجاوز 2 % العام الماضي، ومعدل العجز في الموازنة العامة قبل المنح والمساعدات ما يزال مرتفعاً في نهاية العام ذاته، وارتفع الدين العام إلى مستويات قياسية تجاوزت الـ26 مليار دينار، ليصل الى 94.8 % من الناتج المحلي الاجمالي، مؤكدا انه مؤشر كبير وخطر جدا.
وقال التقرير إن هذه النتائج جاءت بسبب تطبيق جملة سياسات اقتصادية، "اتسمت بانتقائية" منها: تحرير الأسعار، ما أدى لارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات، الى جانب التوسع في الضرائب غير المباشرة، ونظام ضريبة الدخل القائم على أسس غير تصاعدية.
كذلك؛ أدت اتفاقيات التجارة الحرة، لاضعاف قطاعات صناعية هامة، جراء تحرير التجارة الخارجية بدون ضوابط، اذ ان مجمل ذلك، قاد الى ضعف المشاركة الاقتصادية على نحو عام، بحيث لم تزد على 25 %، مشاركة المرأة فيها على وجه الخصوص، لم تزد على 12.4%، الى جانب ارتفاع أعداد العاملين في القطاع غير المنظم، ما أصبح سمة غالبة في سوق العمل".
مدير مركز الفينيق أحمد عوض، أشار الى "الحاجة لخروج المسؤولين الحكوميين من عقلية التهميش لسياسات وظروف العمل ومعاناة غالبية العاملين، فهي تشكل جوهر الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي".
واشار تقرير المرصد، الى التراجع الملموس في اعداد فرص العمل المستحدثة الاعوام الماضية، من نحو 70 ألفا العام 2007 الى نحو 48 الفا العام 2015.
وفي وقت ارتفعت فيه أعداد طالبي الوظائف من خريجي النظام التعليمي الى نحو 120 الفا، سجل معدل البطالة في الربع الاخير العام الماضي، رقما غير مسبوق منذ 11 عاما، ليصل الى 15.8 %، وضعفها لدى الإناث، وعند الشباب بين سن الـ16 الى 24 من غير الجالسين على مقاعد الدراسة، رواحت بين 32.0 الى 40.0 %، "وهذه أرقام مفزعة".
واوضح التقرير أن سوق العمل، "ما يزال يعاني من انخفاض ملموس وكبير في مستويات الأجور لغالبية العاملين في القطاعين العام والخاص".
ولفت الى ان "الغالبية الكبيرة من العاملين بأجر، لا يحصلون على أجور توفر لهم حياة كريمة، لقاء عملهم الأساسي، وهنالك فجوة كبيرة بين معدلات الأجور التي تحصل عليها الغالبية الساحقة، وقدرة هذه الأجور على توفير حياة كريمة لهم".
وتشير أرقام "الضمان الاجتماعي" الى إن متوسط الأجر الشهري لمشتركيها العام 2015 بلغ 489 دينارا، اذ بلغت لدى الذكور 512 دينارا شهريا، ولدى الاناث 442 دينارا شهريا، ولا تبتعد أرقام دائرة الإحصاءات العامة عن هذه المؤشرات. وعند مقارنة هذه الأرقام بمستويات الفقر، وفق التقرير، فإن "مستوى الاجور متدن"، وتشير الأرقام الرسمية الى ان "مستويات الفقر المطلق في الأردن تقترب من 450 ديناراً شهرياً للأسرة المعيارية المكونة من نحو 5.0 اشخاص".
وعند التعمق في شرائح أجور العاملين، بين التقرير ان "الوضع كارثي، فـ50.3 % تبلغ أجورهم الشهرية 400 دينار فأقل، وكذلك 72.2 % منهم تبلغ اجورهم 500 دينار فما دون"، وكذلك الحال بالنسبة للحد الأدنى للأجور، اذ ارتفع في آذار (مارس) الماضي من 190 ديناراً شهرياً، الى 220 دينارا شهريا، ليقل على نحو كبير عن خط الفقر المطلق، الصادر عن جهات رسمية.
كما أكد التقرير "استمرار القيود غير المبررة على حرية التنظيم النقابي.
ولم تمنع مختلف هذه القيود من تنظيم العاملين لانفسهم في تجمعات وهيئات خارج إطار الهيئات النقابية المعترف بها رسميا، كما "منع العمال من تنفيذ نحو 3800 احتجاج عمالي في الاعوام الستة الماضية".
وفيما يخص العمال المهاجرين، دعا تقرير "تمكين" لإجراء تعديلات تشريعية تكفل حقهم باختيار عملهم بحرية، والانتقال من عمل لآخر طوعيا وبدون شروط، وبموافقة صاحب العمل، وعدم استثنائهم من الحد الأدنى للأجور، ومساواتهم بالأردنيين، وتفعيل دور وكفاءة نظام التفتيش بزيادة أعداد المفتشيين وتأهيلهم، وتزويدهم بمعارف وأدوات تكنولوجية حديثة، ورفع وعي العمال المهاجرين القانوني.
وبين التقرير انه برغم عدم وجود أي نص يلزم العاملة صراحة بالبقاء ليل نهار في المنزل، لكن "معظم عاملات المنازل، يعانين من الاحتجاز القسري في مكان العمل، ما يعد حرمانا من الحرية، يصعب معه الابلاغ عن أي انتهاك تتعرض له اي عاملة".
كما يأتي "العنف المعنوي في مقدمة انتهاكات حقوق عاملات المنازل"، وفق "تمكين" بحيث "يعانين من المعاملة السيئة، ويتعرضن لشتى أنواع الترهيب والعنف والإهانة والتحقير والشتائم والصراخ والظروف المعيشية السيئة وغير اللائقة، والتي تشبه العبودية".
كما تتعرض عاملات "لإساءات جسدية، وبعضهن للتحرش الجنسي، وأحيانا للاغتصاب، ومع احتجازهن خلف الأبواب المغلقة، يصعب إثبات هذه الانتهاكات".
ولفت التقرير الى حرمان عاملات منازل من "الرعاية الصحية، إذ تعرض بعضهن للسقوط من الشرفات العالية للمنازل التي يعملن بها، أثناء تنظيفها، جراء عدم توافر أية وسائل أمان لهن اثناء العمل، ما تسبب بوفاة بعضهن، أو إصابتهن بكسور خطرة، قد تودي الى عجز دائم مدى الحياة".
اما عمال المناطق الصناعية المؤهلة وعددهم يصل الى 50135 بينهم 38789 مهاجرين، ويتوزعون الى: 11499 ذكور، و27290 إناث، و11346 أردنيا يتوزعون الى: 4301 ذكور، و7944 إناث، فلفت التقرير الى تعرضهم "لانتهاكات" رصدها "تمكين"، عن طريق شكاوى وردته، وخلال زيارات ميدانية ومقابلة بعض العمال.
وتمثلت الشكاوى بـ"عدم دفع الأجور وبدل العمل الإضافي، وطول ساعات العمل والحرمان من الإجازات، والتعديل القسري لعقد العمل، والإيذاء والتحرش الجنسي".
ويخضع اللاجئون السوريون في عملهم بالأردن إلى قانون العمل، عدا عن الأنظمة والتعليمات والقرارات الصادرة عن وزارة العمل.
ووفقاً لقرار وزارة العمل الصادر مستهل العام الماضي، تقرر إغلاق عدة مهن أمام العمال المهاجرين، ما يسري أيضاً على العمال السوريين، كما و"يتعرض العمال السوريون في الأردن، لانتهاكات عدة؛ أهمها تدني الأجور، وحرمانهم من عمل البدل الإضافي، وعدم شمولهم في مظلة الضمان الاجتماعي".