مدار الساعة - تحت عنوان “سوداوية” المال الانتخابي! كتب الزميل الصحفي محمود الخطاطبة مقالاً في يومية الغد جاء فيه:
بما أنه لم يتبق سوى 54 يومًا، على موعد إجراء الانتخابات النيابية، لمجلس النواب التاسع عشر، فإن موضوع مكافحة المال الذي يُستخدم لغايات غير قانونية، وهو ما يُعرف بـ”المال الأسود”، من المواضيع المهمة، التي تُطرح بقوة هذه الأيام وحتى يوم الاقتراع في العاشر من شهر تشرين الثاني المقبل.
المال الأسود، كان دائم الحضور في كل انتخابات تُجرى في الأردن، وخصوصًا البرلمانية منها، وإن كان استخدامه يتم من خلال طرق وآليات مختلفة، إذ لم يعد شراء الأصوات هو الطريق الوحيد لاستخدام ذلك المال، حيث أصبح يتعداها من خلال مساعدات عينية أو عن طريق تقديم خدمات.
وإن كان قانون الانتخاب الحالي وتعليماته، تضمن إجراءات لمكافحة المال الأسود، إلا أنه ما يزال هناك طرق شتى، يتم من خلالها شراء الذمم، والتي من أهمها: بعض الجمعيات الخيرية، أو استغلال أزمة معينة، كما يحصل في هذه الأيام، جراء جائحة فيروس كورونا المستجد، إذ يستغل البعض مثل هذه الجوائح والأزمات، لشراء أصوات، تحت مسمى مساعدات إنسانية، سواء أكانت عينية أم مادية.
للأسف، يستغل البعض سجلات جمعيات خيرية، التي تحتوي على قوائم بأصحاب الحاجة أو أولئك محدودي الدخل، أو صاحب سيرة مرضية، أو أيتام أو أرامل أو طلبة علم.. حيث تُصبح هذه السجلات هدفًا لمترشحين لشراء أصوات هؤلاء، تحت ذريعة تقديم مساعدات، والظهور بمظهر “المُحسن”… ما يضع أكثر من علامة استفهام على غياب- قد يكون متعمدًا- من قبل وزارة التنيمة الاجتماعية والهيئة المستقلة للانتخاب.
واتباع هذا الأسلوب أكثر ما يكون ظاهرًا في القرى النائية أو المناطق الشعبية أو المخيمات، الأمر الذي يُوجب على “مستقلة الانتخاب”، التنسيق أكثر مع الجهات المعنية، لمراقبة ذلك، وبالتالي معرفة كيفية إنفاق الأموال في هذا الشأن.. خوفًا من استمرار “تكريس” ذلك، أي منح معونات، غذائية أو عينية أو مادية، تحت مسميات “حميدة، إنسانية، تكافل اجتماعي”، وهي في الحقيقة تهدف إلى التأثير على إرادة الناخبين، بطريقة ملتوية غير قانونية.
يتوجب على الحكومة و”مستقلة الانتخاب”، وقف استخدام مثل هذا المال غير القانوني، الذي ظاهره عبارة عن مساعدات، وباطنه “شراء أصوات”، يُقصد به التأثير على إرادة الناخبين، وبالتالي إلحاق الضرر بالوطن والمواطن، وقبل ذلك بنزاهة العملية الانتخابية.
ما دامت الوسيلة معلومة وواضحة وشبه ظاهرة للعيان، فإن القضاء على المال الأسود سهل، في حال وجد القرار، وكان هناك جدية في تنفيذه، والادعاء بغير ذلك، هو عبارة عن استهزاء بعقل المواطن.
الحل إذًا، يكمن في تطبيق القانون على الجميع بلا استثناء أو تمييز، وبلا مهادنة، أو غض طرف عن مجموعة معينة، فالمادة 59 من قانون الانتخاب تُجرم استخدام المال غير القانوني “الأسود”، وتعتبره جريمة انتخابية، تصل عقوبتها إلى السجن سبعة أعوام.
نقطة أساسية ثانية، تتمحور حول الفرق ما بين المال السياسي، والمال الأسود، والتي هي عبارة عن شعرة بسيطة، فهناك خبراء يؤكدون أن لا فرق بين الاثنين، فالأول عبارة عن “عملية التفافية على ما نص عليه قانون الانتخاب والأنظمة المعنية”.
فالمال السياسي هو “أسود”، عندما يتم إنفاقه بغير مكانه السليم والصحيح.. وللأسف كثير من مؤسساتنا يعتبرون الأول محللًا، والثاني محرمًا.. إذ يتوجب أن يكون هناك مراقبة شديدة على عملية إنفاق المال السياسي، كتلك التي يجب أن تُعتمد في مراقبة أولئك الذين يستخدمون المال الأسود.