كتب: الدكتور عثمان الطاهات
تلعب المدرسة دورا هاما في عملية التنشئة السياسية عن طريقين : التثقيف السياسي من جانب وطبيعة النظام المدرسي من جانب اخر ، ويتم التثيقيف السياسي من خلال مواد معينة كالتربية الوطنية والتاريخ، وتهدف التربية الوطنية الى اطلاع الطالب على طبيعة النظام السياسي وشكل الحكومة في بلاده وزرع مشاعر الحب والولاء الوطني في نفسه , ويهدف تدريس التاريخ بما تتضمنه من انتصارات وهزائم الى تعميق احساس الطالب بالفخر والانتماء الوطني.
يلعب طبيعة النظام المدرسي دورا بارزا في تشكيل احساس الطالب بالفاعلية الشخصية وفي تحديد نظرته تجاه البناء الاجتماعي القائم فكلما كان المدرس ضالعا في مادته العلمية وقريبا الى قلوب طلبته وكلما كان مؤمنا بقيم النظام السياسي وملتزم بها في تصرفاته كلما كان اكثر قدرة على غرسها في نفوس الطلاب والعكس صحيح .
كما تلعب العلاقة بين المدرس والطالب دورا محورا في عملية التنشئة السياسية فمثلا قد تكون العلاقة بين الطرفين ذات طابع سلطوي بحيث لا يجوز للطالب ان يناقش المدرس داخل قاعة الدرس وهنا لا ينتظر من التلميذ ان يقبل على المشاركة السياسية حينما يصل الى مرحلة النضج ، ويمكن ان يحدث العكس في حالة ديمقراطية العلاقة بين المعلم والطالب .
تسهم طبيعة الانشطة المدرسية في نمو احساس الطلبة بالاقتدار الذاتي والانتماء الجماعي عند انضمامهم الى هذه الانشطة مما يسهم في تدريب الطلبة على بعض المهارات الادارية والقيادية التي تكسبه خبرة اكثر عند انتقاله الى مؤسسات التعليم العالي.
ويتضح مما سبق ان المدرسة تبلغ اقصى درجات الفاعلية في التنشئة السياسية اذا كان ثمة تطابق بين ما تقوله وما تفعله ،ولكن حينما يوجد تناقض بين مضمون مواد الدارسة وبين تصرفات هيئة التدريس فلا مفر من تواضع تأثير المدرسة في مضمار التربية السياسية ، ومثال ذلك ان تتضمن مقررات التربية الوطنية والتاريخ قيما معينة مثل الكرامة والانسانية والمساواة بينما تنطوي معاملة المدرسين للطلبة على كل شيء عدا الكرامة والمساواة .
النظم السياسية في جميع دول العالم تعترف باهمية الدور التربوي للمدرسة ففي الاردن تعد مواد التربية الوطنية والتاريخ اجبارية في كل الصفوف وتركز هذه المواد على التاريخ الاردني والدستور والابنية السياسية والقيم الديمقراطية ابرزها احترام حقوق الانسان والحريات العامة واجراء الانتخابات بشكل منتظم وفصل السلطات وغيرها.