قد يظن الجيل الجديد في القرى وبعض المدن أن حظهم عاثر مع آباء وأجداد لم يصنعوا لهم مستقبلاً وردياً، ولكن قبل ذلك فلنقرأ من التاريخ كيف أن أوصياءنا الأوروبيين الذين تسلقوا سلم الحضارة علميا وطبيا وحريات ونقابات في غضون نصف قرن، قد صنعوا من الدم والجوع والأمراض هرما ليصعدوا فوق الأمم، وهاكم إقرأوا تصريح رئيس وزراء بريطانيا «كلمنت أتلي» في مثل هذا اليوم الثالث عشر من أيلول 1945 عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية أمام مؤتمر اتحاد النقابات، حيث قال: إذا لم تتعاون الأمم فهلاك الجنس البشري محقق، وأوروبا كلها مهددة بالمجاعة»..انتهى الاقتباس.
انكلترا في ذلك الوقت كانت تحكم فلسطين وتساعد الأردن اقتصاديا وعسكريا، وتحكم نصف العالم، وهذا ليس موضوع حديثنا بل أن الشاهد أن الدول العظمى كانت تواجه تهديدات كارثية جرّاء الحروب المدمرة، والشعوب تقع فريسة للأمراض والجوع، ولكن عندما أصرّت الشعوب على تغيير نمط حياتهم وكفروا بكل العنجهيات المتوارثة، أسقط الإنجليز بطلهم ونستون تشرشل وجاءوا بأتلي، وانتقلت الى عالم الصناعة والعلوم المتاحة آنذاك وفتحت أبواب الحريات ليدلي كل ذي علم بعلمه دون احتقار، فوصلت أوروبا لقمة الهرم ونافست العالم الجديد.
تلك المقدمة أوردها للتخفيف من وطئة التوقعات بدخولنا مرحلة المناعة الاجتماعية التي نادى بها قادة أوروبا منذ بداية انتشار الفيروس، ولكننا أصررنا على أن نكون نحن الأميّز بين دول العالم، وسجلنا انتصاراً أولياً على فيروس كورونا بتسجيلنا صفر حالات لفترة قصيرة، ثم نمنا في العسل، لنكتشف أن الفيروس هو الظل الذي يتبعنا حتى ندخل للمنزل فيظل منتظراً خروجنا مرة أخرى، ليتلبّس المواطنين الذين ساعدوا في انتقاله من بيت لبيت ومن منفذ لمدينة ومن فم لفاه، حتى بات إلقاء القبض عليه كمن يحاول التقاط الذباب في مزارع الأغوار.
لن ندخل في معركة التلاوم، وإلا لقلت لوزير الصحة الدكتور سعد جابر، إن أولى الناس بالاحتراز والحرص على الإجراءات الوقائية هم كوادر المستشفيات العامة والخاصة، ونُقل إلينا ورأيت بعيني كيف يدخل المراجعون والزائرون للمستشفى الخاص دون لبس الكمامة حتى، ولا أحد يعترضهم وليس هناك أي رقابة، فكيف سنسيطر على تفشي الفيروس والمواطن والموظف ليس مقتنعاً بالتوجيهات الرسمية، وفوق هذا كله لم يعد أحد يفهم كيف يتم اكتشاف إصابات للقادمين عبر الحدود والمطار بعد خضوعهم للحجر الفندقي ولم يتم اكتشافها عند وصولهم المطار مثلاً!.
اليوم يجب على الجميع أن يتوقعوا منحنىً متصاعداً، ونحن نعلم قدراتنا الاقتصادية ويجب أن تنظر أي حكومة لجميع قطاعات العمل بسواسية والحفاظ على تسييل رواتبهم خصوصاً القطاع الخاص المرتبط بالمؤسسات الحكومية ليتمكنوا على الأقل تأمين عائلاتهم صحياً وغذائياً، فما مارسته الحكومة من نفاق للقطاع العام طيلة أشهر الراحة ليس عدلاً،وسنواجه مرحلة لن ترضى عنكم كثير من فئات الشعب المهمش خارج المدن ممن لا يملكون تجارة ولا رفاه اجتماعي، فإما نحيا معاً أو نموت معاً. الراي
Royal430@hotmail.com