هدأت موجة التشكيك التي راجت في وسائل التواصل الاجتماعي حول حقيقة الإصابات المتزايدة بفيروس كورونا في الأسبوعين الماضيين، كان هناك انطباع لدى البعض بوجود مؤامرة مدبرة لصرف الأنظار عن أحداث أخرى تدور في البلاد، مثل هذه التأويلات المستندة لنظرية المؤامرة عادة ما تلقى قبولا في مجتمعاتنا، لا بل في سائر المجتمعات العالمية، ولكم في الولايات المتحدة الأميركية خير مثال.
كان يمكن لنا أن نتفهم عدم ثقة المواطنين بكلام الحكومة في مواضيع شتى، لكن فيما يخص أزمة كورونا يبدو الأمر مستغربا، لأن السلطات المختصة بنت رصيدا كبيرا من المصداقية في هذا المضمار، فكان ينظر إلى كلام المسؤولين عن هذا الملف على أنه حقيقة غير قابلة للنقاش، ومن كان يبدي رأيا مشككا بما يقوله وزير الصحة على سبيل المثال، تنهال عليه الانتقادات من أغلبية الناس على وسائل التواصل الاجتماعي.
في الوقت الحالي اختلف الوضع تماما وكادت الرواية الرسمية حول كورونا أن تفقد مصداقيتها تماما، بكل ما يترتب على ذلك من تداعيات لعل أخطرها عدم التزام المواطنين بإجراءات السلامة العامة وتجاهل تحذيرات المسؤولين بخصوص التباعد الجسدي وارتداء الكمامات.
لماذا بلغنا هذه المرحلة؟ ببساطة لأننا لم نقدم رواية صريحة ومتماسكة لما حصل على معبر جابر؟
وزير الصحة الدكتور سعد جابر جعل من تاريخ السابع من شهر آب (أغسطس) الحالي حدا فاصلا لبداية تسجيل الاصابات في الموجة الأخيرة.
معبر جابر مفتوح قبل هذا التاريخ بأسابيع طويلة، وكانت حركة الشحن تمضي من خلاله مع حالات قليلة جدا من الإصابات، المشكلة الحقيقية كانت على حدود العمري، وقد عانت السلطات المختصة طويلا إلى أن تمكنت من فرض تدابير صارمة تضبط من خلالها حالات الإصابة بين السائقين قبل دخولهم البلاد.
ما الذي حصل على حدود جابر قبل السابع من الشهر الحالي، حتى تكاثرت حالات الإصابة بهذا القدر المرتفع؟
وزير الصحة قدم رواية مهلهلة تدين الحكومة قبل غيرها، عندما أشار إلى استهانة العاملين والمتعاملين مع النقطة الحدودية بقواعد السلامة العامة في وقت كانت فيه السلطات الصحية تعلم أن سورية تشهد انتشارا كبيرا للفيروس.
إذا كانت هذه هي الحالة على الحدود مع سورية فلماذا لم نسجل إلا العدد القليل من الاصابات قبل تاريخ السابع من آب؟
هل كان العاملون هناك ملتزمين بقواعد السلامة الصحية، ثم قرروا فجأة وبشكل جماعي التخلي عنها وفتح بوابات المعبر أمام أفواج الفيروس؟!
لقد حصل خلل إداري عند لحظة معينة قلب الأمور رأسا على عقب، وما تزال السلطات المعنية تحجم عن كشفه والاعتراف بالتقصير الذي وضعنا على مفترق طرق.