بعد ظهور ست حالات في الرمثا والمفرق وإربد، وتوقعات البعض، بدأ الانطباع العام يتركز حول ان الحظر الشامل قد يكون في الطريق الينا من جديد.
علينا ان نتحدث بصراحة هنا، فالحظر الشامل يبدو مستحيلا، لاعتبارات كثيرة، ابسطها عدم قدرة الناس على تحمل هذا الحظر، مجددا، على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، فهو حظر مكلف جدا، وسوف يؤدي إلى تداعيات كثيرة، لا يحتملها الناس، ولا تحتملها أيضا خزينة الحكومة، وقد رأينا معا حجم الاضرار والخسائر على الكل.
وزراء الحكومة نفوا الكلام الذي تسرب حول دراسة إعادة الحظر الشامل أو تمديد ساعات الحظر، لكن وزير الصحة أشار إلى أن ظهور عشر حالات خلال أسبوع قد يؤدي الى إجراءات كتطبيق الحظر الشامل والجزئي، وهذه إشارة تهيئة أولى خطيرة للغاية، تجعلنا نفتح عيوننا على هذه الفترة وما سوف تأخذنا اليه من تداعيات، خصوصا، مع ظهور حالات عشوائية، مما يؤشر على احتمال وجود حالات أخرى في الأردن، لا نعرف عنها.
في كل الأحوال يبدو الحظر الشامل، خيارا سيئاً وثقيلا للغاية، برغم اننا شهدنا في الضفة الغربية، ودول ثانية في العالم عودة إلى خيارات الحظر من جديد، بسبب تجدد الوباء، فقد تم فتح مدن بأكملها ثم تم اغلاقها مجددا، والأدلة على ذلك كثيرة.
دون تطاول هنا، أو تجاوز لحدود الخبرة، أمام الخبراء والأطباء والمختصين، فأن الحظر الشامل يبدو خيارا انتحاريا، فالبلد لا يحتمل ذلك، وقد عانت قطاعات كثيرة من الحظر السابق، وما يزال كثيرون يدفعون كلفة الحظر الشامل الأول، حتى الآن، وتعرضت مصالح تجارية من البقالة الصغيرة، حتى الشركة الكبيرة إلى خسائر كبرى، فوق الضنك النفسي، وخسارة الناس لدخولهم، واضطرار الدولة لجمع المال عبر الصناديق، وتوزيع مساعدات قليلة، والتفاصيل يعرفها الكل، وهي تجربة لا يتمنى أحد في هذا البلد ان تعود مجددا.
ربما الحل في عزل الاحياء أو العمارات التي بها إصابات، وزيادة الفحص العشوائي، والتلميح باحتمال عودة الحظر الشامل، أمر لا يمكن احتماله، فأين سنصل بالأردن وقد تم غلق مطاره، بما يعنيه ذلك، وغلق معابره أمام الرحلات العادية، إضافة إلى الإجراءات الداخلية، وهي حالة لا يمكن تبسيط كلفتها، ولا الوقوف عند آثارها النهائية ؟.
السؤال الأهم يتعلق بالذي استفادته الجهات المختصة من تجربة الحظر الشامل الأولى، إذا كنا سوف ننسخ ذات الطريقة، وكأننا لم نتعلم شيئا، من التجربة الأولى التي كانت مرهقة وصعبة اقتصاديا ونفسيا واجتماعيا، وهي تجربة يبدو تكرارها بذات الطريقة، أمر غير ممكن هذه المرة، بعد أن دفع الجميع كلفة الحظر الأول، ولم تستثن هذه الكلفة أحدا.
هناك حالة انفلات في البلد على صعيد تطبيق إجراءات الوقاية، فمواكب حفلات الزفاف عادت، وغدا سنرى مواكب خريجي الجامعات والثانوية العامة، وبينهما لا أحد يستخدم الكمامات الا ما ندر، وبدلا من التلويح بحظر شامل جديد، لا بد من التشدد في الرقابة مجددا، كون التشدد في الرقابة، ارحم بكثير من كلفة الحظر الشامل في الأردن.
الأصل هنا، ان نتعلم من دروس الحظر الشامل الأول، وان نخرج بخلاصات، لا تؤدي الى تعطيل الحياة، وتصون حياة الناس في الوقت ذاته، فيما الكلام عن حظر شامل محتمل إذا تزايدت الحالات، سيؤدي الى كلفة كبيرة جدا، على الكل، وهي كلفة لا يحتملها أحد.
يعتقد البعض أن التلويح بالحظر الشامل، يأتي لاعتبارات سياسية، ومنعا للتجمعات، إلا أن هذا الرأي لا يبدو منطقيا، لان كلفة الحظر الشامل على خزينة الحكومة، وعلى الاقتصاد، كلفة صعبة جدا، لا يمكن ان تحتملها الحكومة، فيما التبرير الصحي للحديث عن حظر شامل، يتوجب ان يعاد النظر فيه، نحو إجراءات من نوع آخر، إذ يكفينا خسائر اقتصادية، واجتماعية، ومعنوية، فوق اثر ذلك على تعليم الجامعات والمدارس، وحركة الطيران.
تجربة الحظر الأولى، حمت حياة الناس، لكنها كانت مكلفة، أيضا، فيما تجربة الحظر الثانية، إذا حدثت، بذات طريقة الأولى، ستكون مرهقة جدا، وغير محتملة.الغد