يعيش الأردن والأردنيون أزمة اقتصادية خانقة, زادت تداعيات أزمة كورونا من حدتها, مما يفرض على الجميع إعمال الفكر في سبل الخروج من هذه الأزمة وتداعياتها, وأول ذلك معرفة ثرواتنا الحقيقة, وهل نُحسن استثمارها لكي نحقق شعار الاعتماد على الذات.
ليس خافياً على أحد أن أهم ثروات الإنسان فرداً وجماعة هو الوقت وكيفية استخدامه, مما صار علماً قائماً بذاته هو علم إدارة الوقت, فإين نحن كأردنيين من استثمار أوقاتنا وإدارتها؟
مراجعة بسيطة لسلوكنا اليومي أفراداً وجماعة, تبين الكثير من الخلل في استغلالنا لهذه الثروة, أولها طريقة تعاملنا مع الوقت فكل ما يجري في مجتمعنا يتناقض تماماً مع مفهوم استثمار الوقت إيجابياً, حيث يهدر جل وقتنا, بما هو غير منتج, وغير مفيد, فقد صار من الشائع في مجتمعنا مصطلح "إضاعة الوقت" و"قتل وقت" ولم يعد خافياً على أحد عدد الساعات التي يقضيها معظم الأردنيين بما لا يفيد ولا ينتج في المقاهي, وفي الثرثرة على الهواتف الجوالة, وعلى وسائل التواصل الاجتماعي, وغير ذلك من سبل هدر الوقت بما لا يفيد, ومع إيماننا المطلق بأن من حق الإنسان أن يروح عن نفسه ترويحاً بريئاً لتجديد نشاطه, غير أن ما يجري في مجتمعنا ليس ترويحاً عن النفس, بل هدراً للوقت بما هو غير منتج على المستوى الفردي والجماعي.
هدر الوقت بما لايفيد, هو أحد أهم أسباب أزمتنا الاقتصادية, لأنه من أسباب تدني الإنتاجية في بلدنا, ورافداً من روافدها الرئيسية, ووصولها إلى ذيل الإنتاجية قياساً إلى إنتاجية المجتمعات الأخرى, حيث لم يعد خافياً على أحد أننا نصرف من الوقت لإنهاء عمل "ما" أضعاف الوقت الذي تصرفه مجتمعات أخرى لإنجاز نفس العمل, وخير مثال على ذلك الوقت التي تستهلكة إنجاز معاملات المواطنين في دوائرنا ومؤسساتنا في القطاعين العام والخاص.
إن من أسباب تدني انتاجيتنا افتقار الكثير من الأردنيين إلى مهارات العمل المنتج, وتفضيلهم للعمل المكتبي خاصة في الدوائر الحكومية, مما جعلها تزدحم بالموظفين الزائدين عن حاجتها, بسبب الواسطة, التي أوجدت حالة من البطالة المقنعة تضاعف من كلف الإنتاج وتفقدنا القدرة على التنافسية, وترهق الموازنة العامة, وعلاج ذلك كله أن نؤمن بأن قيمة الإنسان في مجتمعنا لا ترتبط بوظيفته بل بمدى إنتاجيته ونفعه لمجتمعه, لذلك فإن من سبل خروجنا من الأزمة الاقتصادية هو أن نحترم الوقت وأن نستثمره بالإنتاج وأن نتوقف جميعاً عن ممارسة الواسطة, وان نحاربها وننبذ اجتماعياً كل من يمارسها. الرأي
Bilal.tall@yahoo.com