انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات برلمانيات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

خلف الزيود يكتب: ثقافة الصبر أمام الامكانيات (الجَلَد)

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2020/07/20 الساعة 10:25
حجم الخط

من البديهيات الحياتية أن الانسان يعيش خلال مسيرته الدنيوية ما بين صعاب ومشاكل، ما بين السهل والصعب لمدد قد تكون طويلة الأجل أو قصيرة، وهذه كلها تمر وتنتهي ويأتي غبرها وتنتهي وهكذا. هنا سؤال بأي حال مرت وكيف؟

عادة الانسان مليء بالطاقات الايجابية المترافقة مع الامل والتي تمكنه من التحمل والاستمرار في الحياة حتّى يصل إلى ما يريد وقد لا يصل لكل شيء فهنالك أنصاف وأرباع المأمول، وعليه فان هذا هو الذي يمثل ثقافة الصبر وطاقته وهذا هو السر العظيم الذي اودعه الله فينا. ولكن هذه الطاقة تنمو وتكبر وتزدهر ضمن البيئات المناسبة والتي يبنيها ويصنع طرقها تربية الدولة وتعليمها ورعايتها لكل شؤون أبنائها الى جانب القاعدة الاخلاقية الدينية. وكل هذا محكوم بالبديهية التي سنها الله سبحانه وتعالى بأن للصبر جزاء.

ولكن وللأسف تراجعت هذه المبادئ وأصبحت كياسة القيم المدنية أقل جودة حيث بات جليا ان السبب يعود لطبيعة وظروف الحياة السريعة والحاجة الماسة للحصول على متطلباتها، وتخوف الناس وقلقهم من الفقر وقلة الامكانيات وقلة الحيله بتأمين الحدود الدنيا للعيش أو السعي لتحسين الذات أكثرمما هي عليه.

وهنا يأتي دور الاستراتيجيات والسياسات الحكومية الشفافة الصادقة وواضحة التوقيت المبنية على اساس الامكانيات الواقعية الذاتية بعيداً عن سياسة التوقعات والتخمينات ويتم وضعها امام الجميع ليتسنى بالمقابل للجميع اعادة برمجة طاقة الصبر وجدولة الامل. هكذا يمكن التخفيف من الاحتقانات الاجتماعية التي نراها اليوم وهكذا يعاد بناء الثقة.

وما جائحة كورونا الا مثال على أن الدولة استطاعت تحقيق الصبر في المواطن واحترامه لكل الاجراءات التي فرضت مع ان الكثير منها كان يقيد حتى ابسط الحريات الشخصية. وكانت وما تزال فرصة ذهبية للجميع للوقوف عند واقعهم وحقيقة امكاناتهم ورؤية أوضاعهم الى جانب التفرج على ظروف وحقائق دول العالم، اذاً هي فرصة للجميع لاعادة النظر في أمور ومواقف كثيرة والإجماع عليها، لتصبح ثوابت مبدئية يحميها الجميع. لكيلا تصبح الفجوة بين الامال والامكانات وبين الجهد والرغبة وسرعة الرغبة بتحقيق الذات سبباً في ضياع وفقدان ثقافة الصبر والاخفاق باداء الاعمال التي تؤدي الى الفشل وعدم تحقيق أي شيء وبالتالي تكون هنا الصراعات النفسية مع الذات ومع الاخر ومع سياسات الدوله فلا انت كسبت ولا المجتمع والدولة.

واخيراً فان العمل الصادق المتقن بالسياسة الحكيمة والشفافية والحاكمية الرشيدة من قبل الحكومات هو السبيل الوحيد لرعاية وتنمية واحترام هذه الثقافة والتي تؤدي بالنهاية الى تقدم حضارة الوطن والى مجتمع يهتم ويرفع من مستوى الانجاز ومقداره ، فلا يقف عند كثرة الشكوى والاحساس باهماله. هكذا سـيقرأ الناس الاردن بكامله لا ان يُقرأ بلحظة من تاريخه أو ببرهة من ظروفه.

والكمال لله فالكمال بكل شيء مستحيل وهذه سنة الحياة بان النقص دائماً موجود، فهذا النقص هو سر السعي للبشر لكي يستمروا ويجتهدوا لسد هذا النقص.

مدار الساعة ـ نشر في 2020/07/20 الساعة 10:25