البيان الصحفي الذي أصدره يوم السبت الماضي العين نائل الكباريتي، بصفته رئيساً لغرفة تجارة الأردن، والذي أعلن فيه أن القطاع الخاص الأردني ودعماً لموقف جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، سيدعو لوقف التعاملات الاقتصادية، مع أي دولة أو طرف يقر أو يدعم قرار الاحتلال الإسرائيلي بضم أراضي فلسطينية جديدة، داعياً مؤسسات القطاع الخاص العربي لاتخاذ قرارات بوقف التعاون والتعامل التجاري مع أي طرف يساند قرار الأحتلال.
هذا البيان يستحق أن نتوقف عنده مطولاً تقديراً له أولاً،ولمناقشة سبل البناء عليه ثانيا، إنطلاقاً من الإيمان أنه يمثل خطوة تأسيسية في الإتجاه الصحيح، لاستعادة القطاعين الخاص والأهلي العربيين لدورهما في مساندة القضايا الوطنية والقومية، وهي القضايا التي استفرد بها الرسميون العرب فأضاعوا وضيعوا إلا من رحم ربي.
المدقق في بيان رئيس غرفة تجارة الأردن نائل الكباريتي لا بد أن يتوقف عند دقة الصياغة ودلالاتها، فالبيان يقول أن القطاع الخاص الأردني سيدعو لوقف كل التعاملات الاقتصادية مع أي دولة أو طرف، وبهذا فإنه يسد المنافذ أمام الذين يبحثون عن الثغرات للنفاذ منها وتفريغ القرارات والمواقف من مضامينها، فكلمة طرف في البيان تعني أن كل من سيؤيد قرار الضم يجب أن يتم التوقف التعامل معه بنكاً كان أو شركة أو وكيلاً أو غير ذلك، وبهذا فإن القطاع الخاص الأردني يُحيي من جديد سلاح المقاطعة الاقتصادية، الذي عطلناه من عقود، وآن أوآن تفعيله، خاصة في هذه الأوقات التي صار فيها الاقتصاد هو المحرك الرئيس للقرارات والمواقف السياسية،ولذلك فإن إعادة شحذ سلاح المقاطعة الاقتصادية خطوة تُحسب للقطاع الخاص الأردني إن هو بنى على دعوة العين الكباريتي للقطاع الخاص العربي لإتخاذ قرارات بوقف التعاون والتعامل مع أي طرف يساند قرار الضم، مما يعني أن على كل غرف التجارة والصناعة والجمعيات الاقتصادية الأردنية أن تتحرك، كل منها باتجاه نظيراتها العربية للإنخراط في جهد قومي موحد حماية لحقوق الأمة في فلسطين، ولبناء حائط سد في وجه العربدة الإسرائيلية التي تتمدد في الفراغ الذي تركته أمتنا في كل المحافل، معطلة كل أسلحتها وفي مقدمتها سلاح المقاطعة الاقتصادية.
وحتى تؤتى الخطوة التي أعلنها رئيس غرفة تجارة الأردن أُكلها، وحتى تتحول إلى خطوة تأسيسية لعمل وطني وقومي مشترك، فإن على جميع مؤسسات القطاعين الأهلي والخاص أن تساندها وتدعمها وأن تحذوا حذوها، وأن تبني عليها، وفي الطليعة منها النقابات المهنية والعمالية والأحزاب السياسية، فلو تحركت كل نقابة مهنية أو عمالية أو حزب أردني باتجاه نظرائه عربياً وغير عربياً مؤكدين على أهمية المقاطعة الاقتصادية، وحولنا مضامين بيان غرفة تجارة الأردن إلى حجر يحرك المياه الراكدة، وإلى خطوة تأسيسية لاستعادة دور الناس في الدفاع عن حقوق أمتهم عبر مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة، لو فعلنا ذلك فسوف نكون في الإتجاه الصحيح.