مدار الساعة - بقلم: حسان عمر ملكاوي
«أرنو وغيمٌ على العالوك يأخذني
للنبع تحت ظلال الحور يأخذني
إلى جدائل سود وهي تأخذني
حيث الغوى والهوى والشعرُ والحلمُ
أطير فوق سحاب كي أرى لغتي
على الشواطئ مثل الموج تلتطمُ
يطيعني القمر العالي فأقسمه
والشعر كالسيف في كفي فينقسمُ
ألمّه باستعاراتي وأجمعه
يهفو إلى ليل ناياتي فيلتئمُ
سيّلت آيات إعجازي على كلم
بأي معجزة ترضين يا ارمُ؟».
رحمك الله يا حبيب ومن مثلك في الابداع والعطاء ومن لا يحبك يا حبيب ومن يمتلك قلب ينبض بالحب وينثر الورد
حبيب الزيودي كان لك من اسمك كل النصيب
حبيب يا من حملت جواز سفر استثنائيًا وخاصًا، اهّلك لتلج قلوب من يقرا او يسمع او يقابل ويعرف حبيب عن قرب.
حبيب يا من تغنيت بالوطن وذرات ترابه واجدت توظيف المفردات وابداع الوصف، وتميز الطرح وتالق في عمق الكلمات وانفراد باحساس مرهف يتعطر بالاصالة والانتماء وشعاره الولاء وعنوانه الاخاء، وصلت اعلى حالات الرومانسية وكنت علامة فارقة وجوهر في الحضور واكثر الغائبين اثرا على الجمهور، كنت صاحب التعبير الجاد والتصوير الموسيقي والوضوح في الكلمات والموقف والتاثير لمن يسمع او يقرأ.
كتبت سطورا توزن بماء من الذهب وحروفك فيها اناقة اكثر من مرتبه العجب، وصوتا نقيا طاهرا وطنيا وقلما حرا جريئا لا يعرف المداهنة والنفاق والمساومة عن الوطن والحق ولا يبحث عن كسب ماديا او شهرة زائفة
حبيب الزيودي رحمك الله واسكنك فسيح الجنات.
اكتب وكتب غيري الكثير من الرثاء شعرا او نثرا ولكنني اعترف على الاقل عن نفسي بالتقصير
وليتني شاعر املك ربع ما ملكه حبيب من موهبه حتى استطيع الوصف او التعبير.
وليتني امتلك ربع موهبتك بالكتابه حتى ارد لك جزءأ من الجميل
اخي وصديقي وشاعر الاردن وحبيب الاردنيين والعرب
كم تاثرنا برحيلك ولا ياتي يوم ولا يمر ذكراك فانت في القلب والعقل والوجدان واعمالك ذكرى حيه ولا تموت وكيف ننسى مثلا كلمات صدحت بها المطربة اصالة نصري: يا صاحب التاج روحي تفتدي التاجا..
وكيف ننسى كلمات غنتها المطربة انغام: صباح صباح الخير يا عمان يا حنا على حنا وإذا تتبدل الايام حنا ما تبدلنا،
وهل من الممكن أن ينسى اردني كلماتك في الشهيد وصفي التل: رفن رفوف الحجل. وقصائد كثيرة نعشقها لرموز نعشقها.
اقول لك اننا على العهد ولن نتغير في حب الوطن وترابه وشعبه وقيادته وعروبتنا وامتنا وديننا الحنيف وسنبقى اوفياء ونذكر امثالك بكل الخير.
حبيب يا من غمرتني بشرف كبير ان يكون اسمي في احدى مقالات الكاتب الكبير حبيب الزيودي في عامودة الثابت بصحيفة الراي عندما حمل مقالك عنوان رهافة ومزاج
رهافة ومزاج - صحيفة الرأي
http://alrai.com/article/391475.html
حبيب حبيبي وحبيب كل الاردنيين والعرب رحمك الله واسكنك فسيح الجنات فقد اختطفك القدر مبكرا وانت في ريعان الشباب، كنت تحب شاعر الأردن عرارا، وكل الأردنيين يحبون عرارا، لكنك المبدع الوحيد الذي رحل عنا في مثل عمر عرار، رحلتما معا في ريعان الشباب، وخلفتما إرثا اردنيا خالصا نرى فيه صورة الأردن النقية، نشم فيه رائحة تراب الأردن، ونسمع فيه صوتنا صوت الأردنيين جميعا، ولسان حالنا يعاني من القهر بخطف قامات وطنية رغم ايماننا انه القدر ويبقى الاردن مصنع للرجال وينجب الابطال والقامات
و عزاءنا أن سيرتكم الناصعة وإرثكم الخالد سيظل بين أيدينا ينير للسائرين في دروب الأدب الملتزم طريقا ممهدا.
ومن حسن حظي ان اكون عرفتك عن قرب،
وكل الاعوام من وقت رحيلك لن تنسينا لو لحظة حبيبنا حبيب الزيودي، واتمنى من الجهات المختصة ان يتم دائما تكريمك ونشر وتخليد اعمالك بما تستحق و لك منا أصدق الدعاء أيها الخالد في قلوب محبيك.
وان كان بالعمر بقية يكون لحديثنا بقية .
وتاليا نص مقال رهافة ومزاج
حبيب الزيودي -الصورة النمطية التي تنطبع في اذهاننا عن موظف البنك, هي جديته التامة في تعامله مع الزبون, تلك الجدية التي تقتضيها الحياة الرقمية التي لا تحتمل الفائض في أي شيء, والتي تزن الامور بموازين ومعايير دقيقة, لا يحتمل العمل البنكي الافلات من اطارها , وانت لو حاولت ان تزحزح موظف البنك عن هذه المنهجية الصارمة التي يدير بها الامور, فانك لن تستطيع ذلك , فلو سألته سؤالا يتطلب اجابة طويلة, فهو قادر على اختصار الجواب بكلمتين بشكل حاد وقاطع لا يحتمل النقاش ابدا.
وفق هذا المنظور , تكونت لدي قناعة راسخة عن موظفي البنوك , لا تنسجم مع مزاجي او مزاج معظم الناس الذين يشتغلون في حقول الثقافة والمعرفة والاداب والفنون , فموظف البنك بشكل عام , يغرق في ارقامه وحساباته, التي لا تحتمل المزاج والجدل والحوار, ونحن تقوم عوالمنا وافكارنا على التأمل والمزاج , هو يصوغ حياته بطريقة لا تتيح له الخروج عن السطر, ونحن لا نكتب الا خارج السطر, وفي تلك المنطقة التي يأخذ فيها المزاج حصته الكاملة في الحياة.
هذه الصورة التي رافقتني كل عمري, خلخلها الصديق حسان ملكاوي, الذي رغم عمله الطويل في البنوك , صاغ لنفسه معادلة خاصة مازج فيها بين مقتضيات العمل البنك , ومتطلبات الحياة الطبيعية التي تحتاج الى التراخي في الجدية, والى الابتسامة التي تخفف من ثقل الحياة وتجهمها , ويبدو ان قربه من عمادة شؤون الطلبة في الجامعة الاردنية, قد اثرى مزاجه وحرضه على الخروج على نمطية العمل البنكي, ولا ننسى اثر جذوره الشمالية لان الشمالات كما نعلم اصحاب رهافة فطنة ومزاج وفن , وحين نجلس مع حسان في البنك او خارجه, فالحديث يظل موصولا عن عرار وتيسير السبول واحلام مستغانمي ومحمود درويش وقلما تجد مثل هذه الرحابة وسعة الصدر عند موظف بنك او أي شخص يعمل في مجال المال.
وقد نشر حسان هذه الفضائل الجميلة عند بعض زملائه الذين اضافوا للعمل البنكي نكهة محببة الى القلب وقريبة من المزاج ومؤثرة في الروح بحيث صارت الرحلة الى البنك تشبه الرحلة الى عمادة شؤون الطلبة لحضور امسية شعرية, او معرض فني , او حوار ثقافي شيق.
وحسان خارج البنك, يتوغل اكثر في ثقافته وفي ذاتيته يحدثك عن الثقافة البدوية والشعر النبطي وثقافة المكان او الدراما والرواية وتجلس معه ساعات طويلة في احد المقاهي المجاورة للجامعة, فترهف السمع لارائه الخلاقة وموهبته الجميلة في التحدث والحوار ومعشره اللطيف وثقافته الواسعة.
وتظل لديه دائما نافذة مفتوحة يباغتك من خلالها بقصة مثيرة, او قصيدة لا تخلو من حكمة , رجل فيه الكثير من عذوبة الشمال ومزاج اهله الصافي , وفيه شمائل يحتاجها الاديب والفنان استطاع حسان ان يتحلى بها , وان لا يستسلم للصورة النمطية التي انطبعت في اذهاننا عن موظف البنك الذي لا يضحك للرغيف السخن, ولا يبتسم الا في يوم العيد.
Habeeb.zzzz@yahoo.com