كتب: د.سامي علي العمـوش
تموز ورسائله القوية، فهو يحمل درجات حرارة عالية تساعد جميع الفواكه على النضوج لتصبح في متناول الإنسان تناولها فتموز..... له دلالاته وله دروس وعبر يمكن البناء عليها، فما قبل تموز لا يشبهه؛ لأن فيه تغييراً حقيقياً في كثير من الموازين ومن يقرأ بين السطور يرى بأن جسماً هلامياً يتكون تحكمه الظروف والاعتبارات الآنية والمستقبلية والظروف الداخلية والإقليمية والدولية، فهذا الجسم الهلامي الذي لا زال في طور النمو له ملامح ودلالات يمكن البناء عليها إذا كان هناك من يستطيع أن يرى بعينه ما هو قادم، أسوق ذلك ليس من باب الدلالة على تموز وإنما هناك مفاصل كثيرة ستتشكل ويمكن البناء عليها لسنوات قادمة.
ولعل أولى الدلالات وأقواها في هذه المرحلة هي وسائل التواصل الاجتماعي وآثارها وأبعادها ومدى تأثيرها على تشكيل الرأي العام والتي أصبحت بمواقعها الإلكترونية تتفوق على الصحافة الورقية وأصبح بمتناول كل شخص الاطلاع والمشاركة في نفس الوقت بحيث تطبقت من خلالها رؤية العولمة بأشكالها المختلفة وهنا نجد بأن ما يدور في الشارع العام لم يعد حكراً على فئة معينة وإنما أصبح ملك الجميع ولكل في ذلك رأي.
إن ما قبل كورونا بالتأكيد لن يكون كما هو بعدها فهناك تحديات تتطلب إيجاد مخارج وفرص وطريقة تفكير جديدة سواء على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي ولعلنا في هذا الوقت نلمس بداية تغيير في كثير من الأمور الاجتماعية والاقتصادية وحتى النظرة السياسية لبعض الأمور، وإعلامياً فالمحتوى الإعلامي السابق لم يعد مقبولاً بعد اختباره على أرض الواقع.
والحكومة بطريقتها السابقة في التعاطي مع الموضوعات لم تعد مقنعة للشارع كون هناك تحديات كثيرة لم تستطع الحكومة إيجاد أجندة لها لتخطي المرحلة والبناء عليها لما هو قادم وكثيراً ما نجدها تختبئ بكل أطيافها خلف عباءة سيد البلاد وهذا لا نعيب عليهم فيه ولكن الأجدر والأقدر للحكومة أن يكون لديها برامج تستطيع من خلالها معالجة المشاكل وإيجاد الحلول ومن هنا نجد بأن جلالة الملك كثيراً ما يتدخل لإنقاذ الحكومة ورفع الحرج عنها في كثير من النقاط حتى تستمر وهنا أسجل سرعة استجابة القيادة للمعطيات الداخلية والإقليمية والدولية بدرجة تفوق قدرة الحكومة على التصرف فنحن أحوج ما نكون إلى حكومة قوية لها رأس وأطرافها متحركة بتناغم لتحقيق الأهداف والاستراتيجيات التي جاءت من أجلها.
إذا ما قُدر للحكومة الانتقالية والتي يمكن أن تجرى الانتخابات في عهدها وتستطيع التعامل مع المعطيات في فترة الفراغ الدستوري فعلينا أن نختار من هم منفتحون على المجتمع وإن رقمهم يقبل القسمة على كثير من الأرقام وهم مؤهلون لإدارة الكثير من الملفات الداخلية بطريقة سلسة بعيدة كل البعد عن الجهوية والمصلحية وهذا لن يتم إلا إذا كان هناك تواصل وتناغم ما بين أطراف الدولة العميقة والتي تساهم كثيراً في تعديل اتجاه البوصلة للسير قدماً نحو الاتجاه الصحيح حتى تكون المرحلة القادمة أكثر إشراقاً وتطرح وجوهاً جديدة تعمل على البناء على ما تم والتوجه نحو الأفضل والأخذ بالمعطيات الداخلية والإقليمية والدولية واضعة نصب عينيها الهم الاقتصادي والبطالة والانتقال لمرحلة جديدة في العملية التعليمية وكذلك في مجال التعليم العالي بطرح تخصصات جديدة تواكب حاجات المجتمع وما هو مطلوب في السوق ثم لابد من التوسع في دراسة الرأي العام والتوجهات في المرحلة القادمة والبناء عليها من خلال الأخذ بالوسائل التقنية الحديثة وإيجاد نوافذ يمكن من خلالها فتح مجالات الحوار الهادف والبناء لعمل ما هو أفضل للمجتمع.