أنتَ تراهم يا يرفأُ؛ تقتلُهم عينُ الناظرِ؛ يبتسمون لكلّ سلاحٍ يهوي فيهم..يلتزمون الصمتَ لأنّ الصمتَ بلاغتُهم.! أيديهم حين تراها تُرفعُ لا للأكلِ ولكن كي تمسحَ دمعاً يخجلُ من نورِ الشمس ومن هذا الليلِ إذا غَسَقا..!
يا يرفأُ. يا كاشف وجهَ الفاروقِ؛ قِصاعُ القومِ بها عَرَقٌ يمتدُّ ؛ ووجهُ المقصوعِ بنا ما عرِقا..في الشارع..في الطرقاتِ المنسيّة..في الغرفِ المُطفأةِ الذكرى..مرميّون على الخيباتِ ؛ وينتظرون الصوتَ القاطعَ للجوعِ الرابضِ : يا يرفأُ زِدْ لحماً..يا يرفأُ زِدْ خبزاً..يا يرفأُ زِدْ مَرَقا..!
يا يرفأُ: تحسبُ أنّ الوقتَ تغيّرْ..؟ بل إنّ الجوعَ تدوّرْ..! يمشي اللابسُ (بدلتَهُ) ؛ تحسبهُ (عنترْ)..أو شيئاً لن يتكرّرْ..وهْوَ قميصٌ أكبرْ؛ وحذاءٌ أصغرْ..وحينَ تعطّرْ؛ بالعينِ تبلورْ..لا شأن له بالدنيا..يبحثُ عن كسرةِ خبزٍ ولصوصٍ تتكاثرُ لا أكثرْ..!
يا يرفأُ: سهمُ الجوعِ انطلقا..وحِمارُ شوارعنا نَهَقا..! فاخرجْ من بين دخانِ النارِ وقلْ لابن الخطّابِ: قصاعُ القومِ لقد فرغتْ..والقومُ بلا (تكتيكٍ) بل صار المشيُ بأرجلِهِم مُنْزَلَقا..!