انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب وظائف للأردنيين رياضة مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف شهادة جاهات واعراس مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

تمارا الزريقات تكتب: قراءة في الموقف الأردني الصلب من عملية الضم الإسرائيلية

مدار الساعة,مقالات,الملك عبدالله الثاني,المملكة الأردنية الهاشمية,الضفة الغربية
مدار الساعة ـ
حجم الخط

بقلم: تمارا أحمد الزريقات

لا يخفى على أحد صلابة موقف جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله تجاه القضية الفلسطينية وقضية القدس باعتبارها أولى أولويات القيادة الرشيدة في المملكة الأردنية الهاشمية، حيث أثبت الأردن في الشهور الماضية حرصه على استقلالية الأراضي الفلسطينية ونيل الشعب الفلسطيني لحقوقه السياسية دون أي انتقاص، ويظهر ذلك جلياً مع رفض جلالة الملك بشكل قاطع للمساعي الأمريكية والإسرائيلية والتي تستهدف سلب حقوق الشعب الفلسطيني وقبر حل الدولتين والذي يعني سيادة حالة من الفوضى العارمة،وعلى وجه الخصوص ما أعلنته الإدارة الأمريكية لنقل سفارتها إلى مدينة القدس في أيار 2018، الأمر الذي قوبل بالرفض من الفلسطينيين وساندهم بذلك قولاً وفعلاً جلالة الملك، حيث دعت الأردن ولا زالت إلى حل القضية الفلسطينية وفقاً لقرارات القمة العربية 2002، والتي تنص على قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، ويرافق ذلك موافقة الدول العربية على التطبيع الاقتصادي والسياسي مع إسرائيل مستفيدة بذلك من التجربة الإسرائيلية الرائدة في مجالات الأمن والاتصالات والتكنولوجيا وتقنيات الذكاء الاصطناعي.

لقد أثبت الموقف الأردني بلا أي مكان للشك حكمة جلالة الملك عبدالله الثاني وإدارته الرشيدة لملف الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي مع تخاذل مريب لعدد من الدول رغم استمرار السياسات الإسرائيلية التي تعيق عملية السلام وتتسبب بقبر حل الدولتين، وذلك من خلال الاستمرار في الاستيطان والسيطرة على الأراضي الفلسطينية وحرمان الفلسطينيين من استغلال مواردهم الاقتصادية والمالية خصوصاً في منطقة الأغوار ومناطق C والتي تحتوي على قرابة 60% من الأراضي والثروات الفلسطينية والتي يمكن أن تدر نحو 3 مليار دولار كعائدات سنوية للفلسطينية و4.5 مليار دولار عائدات يٌحرم منها الفلسطينيين سنوياً بفعل عدم قدرتهم على استغلال الغاز في شواطئ غزة، إضافة لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس والتلويح بالبدء الفعلي لضم الأغوار وأجزاء من مستوطنات الضفة الغربية في الأول من تموز 2020 .

مما لا شك فيه وجود ضعف في الموقف الفلسطيني والعربي نظراً لاستمرار حالة الانقسام الفلسطيني- الفلسطيني منذ حزيران 2007 لغاية اللحظة، إضافة لحالة اللا استقرار السياسي والأمني التي شهدتها المنطقة العربية بفعل تفاقم الاحتجاجات الشعبية والتي سُميت بالربيع العربي منذ كانون الاول 2011 كتزوير للحقائق، فالنتائج لا زالت كارثية وحصاد الاحتجاجات أسس لاستمرار حالة من الغلو والتطرف وانهيار الاقتصاديات .

لعل من النقاط الرئيسية التي يستند إليها جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله في مواقفه الثابتة هي ضرورة التزام الأطراف كافة بالمواثيق الدولية والاتفاقيات التي تضمن الوصول إلى حل سياسي عادل وشامل ، لا ينتقص من حق الفلسطينيين في بناء دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وحصول إسرائيل على فرص مواتية لها للاستثمار والتبادل التجاري مع دول الجوار .

إن استمرار إسرائيل في مساعيها الهادفة إلى ضم الأغوار وأجزاء من الضفة الغربية وبمباركة علنية من الولايات المتحدة الأمريكية سيزيد من عملية الاحتقان وتفاقم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إضافة لأن الضم سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، والتي قد تؤدي إلى انسحاب الأردن من اتفاقية وادي عربة والتي وقعت مع إسرائيل في العام 1995، والتي أدت لحدوث الاستقرار على الحدود الإسرائيلية – الأردنية لمدة ربع قرن مضى.

إن استمرار جهود المملكة الأردنية الهاشمية ودعهما اللا محدود للسلطة الفلسطينية يعبر عن صلابة الموقف الأردني وسعيه لخلق حالة من الهدوء والاستقرار انطلاقاً من المسؤولية الأخلاقية والإنسانية لجلالة الملك إضافة لمحافظته على شرف إدارة المقدسات في مدينة القدس.

تُعتبر الأردن المتأثر الرئيسي بجانب السلطة الفلسطينية في عملية ضم غور الأردن والمستوطنات لإسرائيل، ويرجع ذلك إلى الموقع الجيو سياسي للأردن حيث تتمتع بحدود يزيد طولها عن 350 كيلو متر مع إسرائيل , لذلك تسعى الأردن إلى الوقوف والتصدي لعملية الضم لمنع اندلاع صدام مع إسرائيل وتفجر الأوضاع في المنطقة العربية،كما أن إسرائيل في حال غامرت بعملية الضم فإنها ستواجه برد عنيف من قبل الفلسطينيين والأردنيين من جهة، وتنديد دولي ، ككل قد يُسرع من اتخاذ قرارات أممية بإعلان دولة فلسطينية تحت الاحتلال ، الأمر الذي قد يؤدي إلى حل السلطة الفلسطينية وتحميل إسرائيل لأعباء اقتصادية ومالية هي بغنى عنها كونها تسعى لتعميم فكرة أنها جزيرة آمنة مُحاطة بمحيطات من الفوضى، إضافة لإمكانية قيام بعض الدول الأوروبية بفرض عدد من العقوبات الاقتصادية على إسرائيل، وملاحقة القادة الإسرائيليين وتوجيه تهم ارتكابهم لجرائم الحرب ، وفي هذه الحالة يمكن تقويض عمل المسئولين الإسرائيليين وإعادة النظر بشرعية الحكومة الإسرائيلية.

ويعتبر الموقف الأردني الرسمي والشعبي الصلب في التصدي للقرار الإسرائيلي بالإضافة لإمكانية قيام الأردن ببناء جبهة عربية ودولية لمواجهة السياسات الإسرائيلية الاستيطانية والإحتلالية ،من نقاط القوة للفلسطينيين ، وذلك لما يتمتع به جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله من حضور عربي وإقليمي ودولي، إضافة لدبلوماسيته المتوازنة ومصداقيته بين الأوساط العالمية ولعل آخرها قيام وزير الخارجية بزيارة لرام الله.

ولأن الأردن يستحق فإن لخطوات جلالته تجاه عملية الضم تأثير طويل الأمد على استقرار بلدنا ورفاهية الأردنيين والمنطقة ككل، وعدم الانتقاص من السيادة الأردنية .

ولنجاح مساعي جلالة الملك في مواجهة عملية الضم الإسرائيلية يستوجب منا كشعب مساندة جلالة الملك وتحمل الصعاب والتحديات الاقتصادية خصوصا مع ارتفاع وتيرة الديون والتضخم وتراجع مستويات المعيشة، إضافة لضرورة قيام الدول العربية بإنشاء صندوق مالي لدعم الأردن مالياً والمحافظة على استقرار الدينار وتحقيق الاستقرار الداخلي، فهذه عوامل لا بد وأن يتم أخذها بعين الاعتبار .

حمى الله الأردن؛ ملكاً وحكومة وشعباً.

مدار الساعة ـ