بقلم : المهندس عادل محمد المساعدة*
تشهدُ المملكةُ معدلاتِ حوادث مرورية عالية ، حيث تعتبر من أكثر الأسباب المؤدية للوفيات والإصابات ، ومع استمرار تصاعد حجم المشكلة وتعاظم الآثار السلبية الإحتماعية والإقتصادية والنفسّية المترتبة عليها اصبحت هذه القضية تشكل هاجساً وقلقاً للجميع، وتلامس اهتمام كافة أفراد المجتمع وتحفزهم على استشعار روح المسؤولية كل في موقعه، ومن هنا تكمن اهمية إعادة النظر في السياسات المرورية والعمل على إعداد إستراتيجية وطنية للسلامة المرورية تكون مستندة الى دراسة علمية تستخدم أعلى معايير السلامة يقوم بها خبراءٌ ومختصون للحدِّ من حوادث المرور والآثار السلبية المترتبة عليها.
إنَّ كفاءَة جودة الطرق وسلامة المركبات والسلوكيات الإيجابية لمستخدمي الطريق، كلها عناصر تعمل مجتمعة على الحد من الحوادث المرورية، ولتحقيق ذلك لا بدَّ من العمل التكاملي وتنسيق جهود كافة المؤسسات والجهات المعنية المتمثلة في وزارة الاشغال العامة والاسكا، وزارة النقل، وزارة البلديات ، أمانة عمان الكبرى، ومديرية الأمن العام ، والعمل على وضع التدابير اللازمة والتي من شأنها تحسين السلامة المرورية وبما يتوافق مع المعايير العالمية.
كما أنَّ تحقيق الأمن المروري يتطلب تطوير وتحسين المعايير الوقائية وإعادة النظر في التشريعات والأنظمة المرورية حيثما يلزم واعتماد منظومة قانونية حازمة للتعاطي مع الشأن المروري وذلك انطلاقاً من إعطاءِ الأولوية لسلامة الأرواح وحماية الممتلكات.
ونظراً للحاجةالدائمة لإستحداث التحويلات المرورية على الطرق القائمة بهدف تأهيلها فإنه يستدعي التعامل معها باهتمام كبير لما تنطوي عليه هذه الأعمال من خطورة بالغة، ولكن مع الأسف نجد معظمها تفتقر للدراسات المرورية الشاملة، ويتم التعامل معها غالباً بعشوائية وسوء تخطيط مما يؤدي الى الحوادث المتكررة والقاتلة، ولعلَّ الواقع المروري على الطريق الصحراوي خلال السنوات الماضية خير دليل على ذلك. وبناءً عليه، فإنَّ على الجهات المختصة العمل على توحيد معايير وتخطيط وتنفيذ اعمال التحويلات المرورية وذلك من خلال اعداد دليل للسلامه المرو Engineering Manual Safety ودليل للهندسة المرورية Engineering Manual Traffic لكاقة أنواع الطرق والذي من شأنه أن يساهم في الحد من الحوادث والإزدحامات المرورية.
إنَّ مثل هذه التحويلات المرورية الرئيسية يجب أن تخضع إلى إختبار محاكاة للحركة المرورية قبل وبعد التحويلة المرورية المقترحة ياستخدام أنظمة وتقنيات عالية الجودة من أجل التوصل لأفضل تحويلة مرورية ممكنه، على أن يتم تدقيقها وتحسينها وصيانتها ومراقبتها بشكل دوري وضرورة المتابعة الحثيثة والصارمة من الجهات المرورية المعنية مما سيقود حتما الى التقليل من المخاطر على الطرق.
لقد اثبتت معظم الدراسات في مجال المرور أنَّ العامل البشري هو العنصر الاساسي في وقوع الحوادث المرورية وأنَّ السلوك الإنساني هو العامل الاهم نظرا لما يتاثر به من الظروف الإجتماعية والإقتصادية والنفسّية وغيرها ، و إنَّ ما يؤكد صحة هذه الطرح أنَّ هناك دولاً تمتلك شبكة طرق متطورة جداً وجودة مركبات عالية إلا أنها تسجل اعداداً كبيرة من الحوادث المميتة.
وتجدر الإشارة إلى الدور المهم الذي تلعبه التوعية المرورية في التقليل من الحوادث ومن هنا يبرز دور الاعلام في تعزبز الوعي والثقافة المرورية والسلوك الإيجابي وترسيخ مفاهيمها لتصبح السلامة المرورية ثقافة مجتمعية وسلوكاً متأصلاً في فكر وخلق مستخدمي الطريق، هذا بالإضافة إلى الجهد الذي ينبغي أن تقوم به الجهات المعنية من نشر الإعلانات الهادفة والرسائل التوعوية الضرورية والمختصرة باستخدام التقنيات الحديثة ونشرها في اوساط المجتمع.
إنَّ الإعتماد على الإعلام والجهات المعنية كآلياتٍ مساهمة في نشر ثقافة التوعية المرورية لا يعتبر كافياً ولا بدَّ من إشراك كل الفاعلين الإجتماعيين من أسرة ومؤسسات تربوية وأماكن عبادة وجمعيات تطوعية وأفراد لتتوحد المواقف بروح العمل الجماعي والتعاون لتحقيق التكامل في ترسيخ ثقافة مرورية وقائية توعوية تندرج ضمن الإستراتيحية الوطنية للسلامه المرورية .
وفي الختام ، فإنَّ الحلول التقليدية للحدِّ من الحوادث المرورية لم تعد مجدية ويتطلب التعامل معها بفهم علمي وإعداد خطط وبرامج مرورية شاملة وإجراءاتٍ وقائية كي تقلل أو تمنع الحوادث من أجل تحقيق غاية نبيلة وهي حماية الانسان وملكيته ووقف نزيف الارواح وهدر الموارد.
حَـفــــظَ اللهُ الوَطـــ ـنَ وقائـــ ـــ ـدَه وشـعبـــ ــَـه
وجسور استشاري هندسة طرق*
دبي – دَولةُ الإماراتِ العربيةِ المُتحدة
Masadeh _1965 @ yaoo.com