انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

احمد البطاينه يكتب: في الحالة التي نعيشها

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/07 الساعة 21:23
حجم الخط

بقلم د. أحمد صالح البطاينه

يُطالعنا كتّاب بلدنا يومياً بمآلات لا تُحمد عقباها من تداعيات جائحة كورونا عموماً من ناحية، ومن ناحية ثانية من التداعيات السلبية لبعض أوامر الدفاع ومن بينها على وجه الخصوص أمر الدفاع رقم 6 ، ولسنا بحاجة هنا لتكرار هذه التداعيات، ومدى تأثيراتها الخطيرة المحدقة بالوطن على كل مستوى، والتي أصبحت معروفة نظرياً وعملياً، بحكم أن الجميع تأثر بها وإن بدرجات متفاوتة، والشرائح الاجتماعية الأكثر تضرراً.

من جانب آخر انبرى البعض من كتّابنا، وعدد قليل جداً ممن كانوا في موقع المسؤولية، إلى تقديم بعض الاقتراحات التي يعتقدون أنها ربما تحد من بعض آثار هذه التداعيات، بينما لاذ عدد كبير من هؤلاء، والعديد ممن يعتبرون في طبقة رجال الأعمال والهوامير والحيتان بالصمت المطبق، دون الحد الأدنى من الشعور بالمسؤولية الوطنية، سواء على صعيد المساهمة بالرأي أو مادياً بالتبرع لصندوق همة وطن!! صمت يصعب تفسيره، أو حتى الوقوف على أسبابه، وكأن الأمر لا يعنيهم أو أن الكورونا أصابتهم جميعاً، مع أن الوطن الآن، وخاصة في مثل هذه الظروف الاستثنائية، وكما أسلفنا، هو أحوج ما يكون لكل صاحب خبرة أو تجربة أو دعم مادي، حتى ولو تكفيراً عن بعض ما ارتكبه البعض منهم من أخطاء وفساد بحق الوطن.

يُقابل كل ذلك أيضاً بصمت الحكومة، الأمر الذي ربما يُوحي ولو كان ذلك على سبيل الخطأ بأن هذه الكتابات وبغض النظر عن صدقية دوافع أصحابها ، تُمهد وبالتدريج المناخ ليتقبل المواطن، الذي يرزح تحت ضغوط اقتصادية خانقة، المزيد من الاجراءات الحكومية المقبلة القاسية، التي ستنال من الطبقة الوسطى، والتي تشكل صمام أمان المجتمع، لتزيدها ضعفاً على ضعف، ونرجو أن لا يكون الأمر كذلك إلا بحدود ما تقتضيه الضرورة القصوى، وفي إطار من التشاركية الفاعلة والشفافية والعدالة الاجتماعية، في المغرم والمغنم، حتى تكون محل إجماع وطني، ويتشرف المجتمع بكل شرائحه باحتضانها.

إن الأمر يدعو للتساؤل: لماذا انحصر خطاب الحكومة إلى حد كبير وبشكل رأسي وأحادي الاتجاه بأوامرالدفاع، وإخبارنا بالإصابات الجديدة بالكورونا وبأمور الحظر، وبتطمينات لم تتجاوز في صحتها الحالة الصحية الناجمة عن الوباء، وما عدا ذلك تطمينات بعيدة عن الشفافية لا تقنع أحداً؛ لأن الواقع ينطق بغير ذلك، وخاصة على الصعيد الاقتصادي والآثار الاجتماعية الخطيرة التي يمكن أن تترتب على ذلك، حتى أن الأمر وصل تقريباً إلى الشعور العام بأن الحكومة تتخبط وأن العشوائية، وعدم وضوح الرؤى، هي سيدة الموقف.

كل ذلك مدعاة لترسيخ حالة، أقل ما يُقال فيها، حالة من أخطر سماتها عدم اليقين سواء من جهة الحكومة التي لم تطرح استراتيجية برؤية استشرافية للحاضر والمستقبل وهو في صلب مسؤوليتها ومبرر وجودها واستمرارها، أو من جهة الكثير من أبناء الشعب الذين بدأوا يشعرون بهذه الحالة، ولا يخفى على أحد، مدى الخطورة من تفشي مثل هذه الحالة على الصعيد الوطني، خاصة في ظل ظروف سياسية خطيرة جداً تمر بها المنطقة، وضرورات التصدي لتداعياتها المحتملة على الوطن، والتي نحن أحوج ما نكون فيها، للوقوف على أرضية ثابتة برؤية واضحة وراسخة، تصون وتقوي جبهتنا الداخلية، التي هي حائط الصد الاستراتيجي لكل التحديات والمؤامرات التي تحاك ضد الوطن.

لقد اختبأت الحكومة في نجاحها إلى حد بعيد، في إجراءات مكافحة وباء الكورونا، وأخذت وقتاً زاد عن حده، على حساب التصدي لانتشال البلد من تداعيات هذه الحالة الخطيرة، التي تقود إلى الشلل على مختلف الصعد.

لقد آن الأوان لفتح صفحة وطنية جديدة نقية، تدشن مسيرة جديدة عناوينها الرئيسه التشاركية والشفافية والعدالة الاجتماعية فعلياً وليس شكلياً، وبكل ما تحمله هذه العناوين من معاني وترجمتها على أرض الواقع، والضرب بيد من حديد على الفساد السابق واللاحق، وكلها قد غابت نسبياًعلى أقل تقدير، وشكا من غيابها الكثير من الفعاليات الوطنية.

لا بد من العمل المخلص لبلورة خطة وطنية على المديين القريب والبعيد، تتناول بشمولية كل أبعاد الحالة الوطنية التي نعيشها، في إطار تعزيز الاعتماد على الذات إلى أقصى حد ممكن في معالجة قضايانا الوطنية، فالوطن أمانة في عنق الجميع وبحاجة ماسة لكل جهد وطني أصيل، والأردن لم يكن ولن يكون بعون الله وبإرادة وعزيمة شعبه وقيادته الهاشمية، إلا قوياً قادراً على تجاوز كل التحديات مهما تعاظمت وعلى كل صعيد.. الفرصة متاحة، وكل ما نحتاج إليه هو العزيمة والإرادة الصلبة.

مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/07 الساعة 21:23