في الخامس من حزيران من كلّ عام ترتجّ مفاصلك. يعبس وجهك. تتجعلك فيك الرؤى. تشعر يومها أنك مطروحٌ أرضاً أو مرفوعٌ على خازوق. فللخامس من حزيران حكايتان كبيرتان غيرتا وجودك ولعنتا كلّ شيء فيك.!.
هزيمةٌ مُرّة وأكبر من كبيرة كانت قبل مولدك بسنوات قليلة؛ سمّاها العربُ الساعون إلى الهيجاء بدون سلاحٍ (نكسة) تدليعاً وتغنيجاً وهروباً من التشخيص. لأن الاعتراف بهزيمة 67 يعني التغيير الجذري. وقبل 25 عاماً في ذكرى هذه الهزيمة كنتُ على موعد مع (الاعتقال والسجن السياسي) الذي أشعر أحياناً وفي لحظات (التسكير) إنني ما زلتُ أدفع ثمنه للآن. وينتابني شعور أن هناك من يحمّلني المسؤولية الكاملة عن (هزيمة حزيران) التي حدثت قبل أن أولد.!.
آخر ما تبقّى من فلسطين ضاع بتلك الهزيمة. وللآن ما زال العربُ يركضون إلى خارطة بيضاء ليس بها إلاّ الضياع. خارطة لو كانت عند جيش من النمل لرسم الطريق عليها ومشى إلى فلسطين التي صار ذكر تحرير قريةٍ صغيرةٍ منها نكتةً تستدعي الانقلاب على القفا من شِدّة الضحك الهستيري.!.
فليضحك العربُ الصغار كيفما شاءوا. وليتركوا فلسطين في زاويةٍ معتمة من غرف صفقاتهم التي لا يعلمون عن تفاصيلها إلاّ حينما تستدعيهم اللحظة التاريخية للتوقيع. وليصنعوا بدلاً من الخامس من حزيران ما شاءوا من الخوامس وليتلذّذوا بالهزائم لأنها طريقة عيشهم وبقائهم. لكنها فلسطين التي لا تستسلم ولا تهدأ؛ والتي كلّما اهتزّت فيها شجرة حسبت أشجار فلسطين كلّها تطرح ثمارها شهداء وجرحى وأسرى ومقاومة.
في كلّ عام من الخامس من حزيران تراني أتجدّد رغم النكد والإحباط والهزيمة.الدستور