الأرقام المذكورة أعلاه كان من الممكن أن تكون أكثر من ذلك، فلدينا ميزة نسبية تميزنا عن غيرنا، ولكن للأسف هناك دائما من يتطوع بلا داع للتشكيك بالمنتج الزراعي وبجودته بل وبعدم صلاحيته للاستهلاك، أتذكر في هذا المجال وفي عز فورة الصحافة الأسبوعية في تسعينيات القرن الماضي نشر تحقيق صحفي يشكك في مدى سلامة الخضراوات الأردنية أدى لتوقف تصديرها مما دفع المزارعين لرميها في الشوارع أو تركها كعلف للحيوانات وترافق ذلك مع تصريح منسوب لوزير صحة أسبق وصف غذاءنا وماءنا بالفاسد مما أحدث جلبة وكاد يعصف بالحكومة آنذاك وتبين لاحقاً بعد تشكيل لجنة برلمانية استعانت بخبراء ومختصين بأن الأمر غير دقيق ولكنه ترك أثراً بالغ السوء على المنتج الزراعي والغذائي لم يتعاف القطاع منه إلا بعد سنوات.
قبل ايام وصلني فيديو من صديق بحريني يسألني عن صحة ما ورد في التسجيل الذي يشير إلى أن منتوج البطيخ هذا العام في الأردن مهرمن بنسبة كبيرة جدا ويدلل على ذلك باستخدام جهاز صغير شبيه بجهاز فحص مستوى السكر في الدم وأن المؤشر الذي يؤكد سلامة المنتج يجب ألا يتجاوز الستين بالمائة، لا أعرف إذا كان هذا الجهاز فعلا يستطيع بهذه السهولة تحديد الهرمونات والأصل أنها تحتاج تحليلا مخبريا دقيقا وهل هذا الجهاز مصرح به من قبل مؤسسة المواصفات والمقاييس وهل يجوز أن تترك عملية تحديد سلامة وجودة المنتجات الزراعية لأي شخص فيما تغيب الجهات المعنية وهي وزارة الزراعة والمؤسسة العامة للغذاء والدواء عن الإجابة عن قصة الهرمونات وهذا امر يتعلق بصحة الناس.
نحن بلد زراعي أولاً؛ والزراعة مصدر دخل مهم للناس وتساهم في خلق فرص كبيرة للعاملين خاصة في المناطق الريفية بالاضافة لكونها من أهم الصادرات الأردنية بعد البوتاس والفوسفات لذلك من المهم أن تكون تحت مجهر الوزارة المختصة وأن تضمن سلامتها وألا تكون عرضة لمعلومات واشاعات لا تستند الى وقائع علمية لأن هذا يعني ضرب قطاع مهم في ظرف استثنائي تحاول الدولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه وليست بصدد التعامل مع مشكلات جديدة، والأهم من ذلك أن يتكرس لدى صناع القرار الحكومي فكرة أن الزراعة اليوم هي قطاع حيوي كفيل بتوفير الأمن الغذائي وتوفير ما لا يقل عن مليار دولا سنوياً كعملة صعبة إذا ما تم التعامل معه بجدية أكثر.
الغد