دعوت في مقال سابق إلى وضع رؤية متكامل للاقتصاد الأردني, غير أنه من المهم التأكيد على جملة أهداف, يجب أن تشتمل عليها أية رؤية للاقتصاد الاردني, أولها تحديد دقيق وواضح لهوية الاقتصاد الأردني, تتضمن تحديد دقيق للمفاهيم والمصطلحات مثل مفهوم البطالة ومفهوم الفقر ومفهوم الفساد, وتجسيد ذلك كله في وضع استراتيجية وطنية للاقتصاد الوطني, تكون عابرة للحكومات, تتضمن ترتيباً دقيقاً لأولويات هذا الاقتصاد, بما يحقق الأمن الوطني, وكذلك تحديد اهداف واضحة لكل قطاع من القطاعات, وآليات تحقيق هذه الاهداف, وآليات مراجعتها وتقيمها وادوات القياس والمحاسبة. على أن يكون هدف الدورة الاقتصادية هو بناء اقتصاد وطني متنامي, وليس تنمية ثروات فردية وهذا يتطلب إدارة اقتصادية رشيدة توازن’ في قراراتها وإجراءاتها بين الإبعاد المالية والاجتماعية والسياسية.
إن مما يساهم في بناء أدارة اقتصادية رشيدة, إعتماد المعاملات الألكترونية, بصورة رئيسية للحد من التدخل البشري, وسد المنافذ أمام الفساد والمحسوبية والروتين القاتل, بالإضافة إلى إيجاد بيئة تشريعية متكاملة ومتناسقة ومستقرة, تساهم في بناء الدورة الاقتصادية, وتشجيع الاستثمار على وجه الخصوص, وهذا يستدعي الحزم في تطبيق القانون على الجميع بالتساوي, والقضاء على التهريب والتهرب الضريبي, الذي يشكل خطراً كبيراً على الاقتصاد, لأن من مكونات البيئة الاقتصادية السليمة وجود نظام ضريبي موحد عادل ويعتمد مبدأ التصاعد في الضرائب وتشجيع المواطنين على المساهمة في رفد الضريبة من خلال منحهم اعفاءات على فواتير العلاج والاستشارات الهندسية والقانونية, وغيرها من الخدمات التي تقدم للمواطن بدل مقابل.
كما أنه من المهم إعادة النظر في آليات عمل القطاع المصرفي الأردني, من حيث دورة في الاقتصاد الأردني, وطبيعة الضمانات التي يطلبها من المستثمرين, خاصة من حيث نسبة الفوائد المصرفية المترتبة على المقترضين, والتي تحول دون إقبال المستثمرين على الاستفادة منها, وضرورة تنويع الأدوات المصرفية بحيث تخدم احتياجات الاقتصاد, مع الحد من دور القطاع المصرفي في تشجيع السلوك الاستهلاكي عند المواطن.