سيناريو التمديد لمجلس النواب، ذات القوى المروجة والضاغطة قبل كورونا تلعب حاليا بالاتجاه ذاته نحو تمرير هذا الخيار. ولربما أن هامش المفاجأة السياسية والشعبية سيكون صادما مع خيار التمديد.
كثيرون لا يريدون الاعتراف والإقرار بان الواقع العام أردنيا، في غمرة كورونا وقبلها ويحتم أيضا الخروج من الوضع القائم،وعدم الالتفات الى ضغوطات كورونا لتعطيل خيار التغيير والرحيل. فكورونا أزمة وبائية ممتدة، والتداعي الاقتصادي والاجتماعي، والسياسي والمعيشي أردنيا وإقليما ودوليا سيقفز حاجز سلسلة الأعوام المقبلة.
القادم من ازمة كورونا لا يحتاج الى عقل وذرائع تقليدية، وفي معركة غير تقليدية. ولا تحتاج البلاد الى حسابات وتوازنات وتسويات ضيقة الأفق. بل على العكس، البلد تحتاج أن تلملم مصالح الاردنيين، وتثير غضب غير المنحازين للأردن في أزمته، وتقف في الصف المقابل والمضاد للقوى ومراكز الضغط التقليدية في «السياسة والبزنس».
الأردنيون ممتعضون من نوابٍ لم يتبرعوا بقرش واحد لصندوق همة وطن. ونوابٍ « دون تعميم « في ازمة كورونا وقفوا الى صف الوباء وساهموا بانتشاره، والمرويات كثيرة عن النواب وكورونا.
كورونا فرصة. والمسكوت عنه، والمخفي في سيناريو التمديد للنواب. ان ثمة قوى سياسية ونيابية تريد تعطيل أي تغير في قواعد اللعبة يريدها الأردنيون.
هذا السيناريو من عينات تفكير لقوى نافذة ومسيطرة. الفرصة مواتية لانتاج مجلس نواب مختلف عن الحالي، ولربما أن الأمر لا يحتاج الى قانون انتخاب جديد، ولكن صون العملية الانتخابية والاقتراع من ملوثين : المال السياسي والتزوير. فهذه صك وكفالة سياسية وفنية لوجتستية بإنتاج مجلس نواب ك89.
كورونا، وكما هي فرصة فإنها وليدة لأزمة غير مسبوقة في تاريخ الاردن والعالم المعاصر. ولذا فان ثمة ضرورة ملحة لصناعة تغيير في صناع القرار وإدارة الدولة، وجدولة أولويات ومصالح الاردن من عبر ارادة التغيير، وليكون مجلس النواب بوابة نحو اصلاح وتغيير الزمن السياسي الأردني.
من يقول ان الظرف غير مواتية لإجراء انتخابات نيابية فانه يضمر سرا. الأردن مرت عليه ظروف كثيرة صعبة ومعقدة وعسيرة، وإجراء الانتخابات النيابية. في تاريخ إدارة الأزمات فمن التقاليد الوطنية في مواجهة التحديات والصعاب استبدال النخب وإعادة إنتاجها، واستغلال الأزمة سياسيا لإعادة برمجة العلاقة بين الدولة والجمهور «الرأي العام «.
أردنيا التحدي القادم ليس كورونيا فحسب. صفقة القرن ترتعش على الأبواب، وواشنطن وتل ابيب لم ينسيا سناريوهات الخطة الامريكية، ولربما أن كورونا عكس ما يعتقد كثيرون فإنها ستسرع وستكون ضاغطة لتنفيذ الصفقة حرفا حرفا من الالف الى الياء، ودون منغصات ومعطلات، وروافض وطنية شعبية.
ازمة كورونا وضعت الدولة في الصدارة، وهي الاقوى في المشهد. ولربما ان تثبيت هذه الصورة بحاجة الى برلمان جديد، ومنتج نيابي مختلف وجديد وأكثر انحيازا لمصالح الدولة وللشارع الاردني.
كورونا وضعت كل وصفات وكتالوغ النخب الاردنية التقليدية في المختبر، وتحت الفحص، البيروقراط والتكنوقراط. ولربما ان ازمة الاردن ليست كورونية بحتة، واكثر ما يحتاج الى علاج سياسي أهم من الدواء والمصل والارشاد الصحي المضاد لكورونا.
فليس امام الاردن ترف التجريب والاختبار. الازمة بحاجة الى عقل سياسي، ولبرامج اقتصادية تعطي اولوية للوطني والاعتماد على الذات، فكل خطأ في اللحظة الراهنة سيتكون كلفته اكثر بكثير من الاوقات العادية.
فما احوج الاردن الى انتخابات نيابية. وصندوق الاقتراع سيكون طريق الأردنيين لتجاوز التحدي، وصناعة مواقف وطنية صلبة من صفقة القرن وتوابعها، وكورونا وشرورها الاقتصادية والاجتماعية. فليكن الصوت السياسي المضاد لكل الضغوط والتحديات والصعاب نابعا وصادرا من القاع الاجتماعي من أسفل الى أعلى، وهكذا تبدأ الديمقراطية.
الدستور