بقلم الدكتور حذيفة المشاقبة
وتقول الرواية إجتمع حزب المحافظين البريطاني بعد عدة أشهر من انتخاب مارغريت تاتشر لزعامة حزب المحافظين، بدأ أحد زملائها بشرح المبادئ الأساسية التي يقوم عليها حزب المحافظين، كما رويت القصة، ففتحت ثاتشر حقيبتها وأخرجت كتابا رثا وصفقته على الطاولة، وقالت: "هذا ما نؤمن به"، وكانت تلك ثورة سياسية اجتاحت العالم وبحسب الرواية ايضا لقد كان الكتاب هو Constitution of liberty/ دستور الحرية) لمؤلفه فريدريك هايك، الذي شكل نشره عام 1960 نقطة تحول من فلسفة صادقة، وإن كانت متطرفة، إلى احتيال مطلق وبحسب الكتاب فإن المنافسة هي الصفة التي تعرف العلاقات البشرية، وأن السوق هو الذي يحدد ترتيب الرابحين والخاسرين
هايك بدأ كتابه بترويج أضيق مفهوم للحرية: وهو غياب الإكراه، ورفض مفاهيم الحرية السياسية، والحقوق العالمية، والمساواة بين البشر، وتوزيع الثروةبكل تأكيد أصحاب الثروات الكبيرة، رأوا في الكتاب فرصة للدفاع عن أنفسهم ضد الديمقراطية ولذا شكلوا جماعات ضغط ومؤسسات لنشر فكر فريدريك هايك والسردية الجديده (النيوليبرالية)
بعد ان ان تحول فكر فريدريك هايك الى برنامح سياسي نشأت منه النيوليبرالية وبعد تبني هذا الفكر من قبل مارغرت تاتتشر ورونالد ريغين تحولت الى تسونامي اجتاج العالم يغرق كل الفكر ليبرالي ديمقراطي حيث ساعده في ذلك الأخطاء من الحزب العمل في بريطانيا بتوسيع بلير لمبادرة التمويل الخاص إلى إلغاء كلنتون لقانون (غلاس-ستيغال)، الذي يحظر على البنوك التجارية العمل في الاستثمارات، أما باراك أوباما، الذي لم يملك رواية باستثاء الأمل وكانت ماكينة النيوليبرالية تدور ببطء، الى ان جاءت الفرصة الذهبية فتحقيق حلم فريدريك هايك وهو تدمير الفكر السياسي الذي يولد منه برنامح سياسي والانقلاب على العولمة التي هي نتاج طبيعي من حركة التاريخ، وتمثل ذلك في ايصال دونالد ترامب الى رئاسة البيت الأبيض الذي لا يملك أي سياسة ذات معنى بل هو وريث لثروة كبيرة، ولا يلتزم بالأخلاقيات السائدة، وميوله تشكل طريقا جديدا قد يريد الآخرون السير فيه، وستكون النتيجة ان حققت النيوليبرالية اهدافها بالسيطرة على العولمة هو تقويض ما تبقى لدينا من أخلاق في السياسة.