اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

الشيخ المرحوم سليمان عقلة آل علي البوات.. في سطور

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2020/04/27 الساعة 21:09
مدار الساعة,الكرك,الأردن,الجيش العربي,

بقلم: اسامة احمد المعاقلة

ولد الشيخ الفاضل المرحوم سليمان عقله عواد البوات في قرية غور فيفا في ١- ١ -١٩٤٤م ومن لواء الأغوار الحنوبية الكرك واحد رجالاتها ومن رموز قبيلة بلي الحجازية العريقة على فروع امتدادها وجذر العائلة المعروف عنها في تبوك والتي تسمى (البويات) وأبناء عمومتهم العرادات وهذه الروايات التي تناقلت عن اخبار أجدادهم منذ نزوح القبائل اثناء تقسيم الحدود العربية ومرورهم بالجزيرة العربية إلى الأردن وفي رواية قدوم جدهم احمد بن سالم البويات البلوي. وان المدح والثناء المتعارف في الحجاز والأردن لقبيلة بلي وكرمهم وشجاعتهم والذي ينشد عنهم بين القبائل (حياهم وبياهم) وهذا الصيت منذ القدم أينما حلو وارتحلوا .

واننا في هذا الصدد إذ نستذكر بحديثنا عن قامة من رجالات بلي والأغوار المرحوم طيب الذكر سليمان عقله البوات والذي كان معاصرا لمعركة الكرامة الخالدة التي كانت سطراً جديداً في وطننا الحبيب والأمة العربية حيث كان شاهد عيان على تصور تلك الأحداث ومن خلال حديثي المتزامن معه بأستمرار قائلا: كنت حاضرا في نصرة الجيش العربي اثناء تزاحم قوات العدو إلى ذلك السجال في قرية غور فيفا وقد تحملنا الكثير من المتاعب في ايام عصيبه في حشد الناس وإخراجهم من المنازل إلى وادي ام جفنه لما رايناه من هدم المنازل في أوقات الحرب والأحتدام والحمدلله أنتصر جيشنا العربي على العدو الغاشم وتم طردهم .

والوجيه ابو عقله كان مصدر حياته وعيشه على زراعة الأرض وأنتاج المحاصيل الزراعية التي هي فخره واعتزازه في حرثها وكساد إنتاجها ولم يكن يوما للناس إلا وفيا بالمواقف ولا يكره ولا يحقد ولا يعرف البغضاء والضغائن في قلبه ابدا إلا عنوان الحب والتسامح بين الناس وكسب محبتهم ولما رأينا أبسط المواقف من ذلك القلب الرقيق في السخاء الموصول للجميع ولا يميز بين أهل قريته تلك الحسنة شاهد وبصمه ترافق محبته للناس والتي نعرفها جميعا وكان يردد دائما قول (رحم الله امرىء عرف قدر نفسه)

ويعرف عنه في حبه لأماكن العباده ومن رواد المساجد والسبحة التي لا تفارق انامله شاكرا ذاكرا مستغفرا لله. وفي حديثه الذي يردده دائما في المجالس عن بقاء الود والوصل بين الناس مستشهدا عن نص الحديث النبوي ( احبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما وابغض بغيضك هونا ما عسى ان يكون حبيبك يوما ما ) هذا الوصل والوسطية المنقطعة النظير والتي يغفل عنه الكثير وعلى سنة الحبيب ولا ينهجه إلا قليل من الناس حيث كان لا يحب أن يجادل في باطل ومن كان فيه اعوجاج يقول له في وجهه انت كذا وكذا ولا يجامل مع تبادل احترام الأراء . وتبقى تلك القامة ذاكرة المجالس وهيبتها التي كانت ايثارها طيب نفسه ورحابة صدره وبشاشة وجهه التي كانت تظهر على محياه فيما يسوده جو المرح والأبتسامة مع الجميع وما نقول عن هذه القامة إلا حق من خلال حق الجيرة وحسن معاشرته وخفة ظله وحسن مجالسته للآخرين وهو ارحام الأخوال من خال وشهادتنا فيه كاسره ومجروحة فيما لا يغيب عن مجالسة القرآن لحظة ما بين الحين والآخر مع مرور الأيام ولا يهجر . وكنت أراه فجأة يبكي وهو يصدح صوته بالقراءة جهرا ولا يضيع طرح حديثه اثناء مجالسته للآخرين في استدلاله لنصوص القرآن والأحاديث الشريفة حيث كنت أرى نفسي صغيرا أمام مدرسة كبيرة في نص الحكم والروايات القديمة التي عاصرها في الأغوار وهو عطر المجالس أينما ذهب في حله وترحاله.

ولقد كنا معه على تواصل وفي لقاءات مستمره ولم يكن بعيد عن أهل بيتي إلا آمتار قليلة حتى أجالس تلك الخبرة والباع الطويل في حديثه لنا عن متابعة الأحداث التي مر بها وتعلم منها دروسا في حياته ولم تكن كلماته شاقة او بغيضة لغيره بل هي جوهر يوقظ في النفوس وغاب عن أذهان لم حضر وجلس معه في استراق السمع عن مفاهيم ما تعلمه من القرآن حيث كان يقول مرددا قول الآية القرآنية " ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا " صدق الله العظيم
كثير من الناس بلغوا من العمر وعمروا في حياتهم لكن فقدوا نعمة العقل والحكمة بل طوت حياتهم وانتهت بلا نضج ولكن في نادر الرجال امثال الشيخ ابو عقله كنز من الحكمة يقتدىء به ولا ينسى من الذاكرة والأذهان .

وفي وداع رحلته الآخيرة عندما اعياه المرض وهو مستلقيا على سريره في المشفى ومحضر حوله شاهد عيان من أهل بيته سمعه يقول : لست خائفا من الموت ولكني خائف من ربي ان يحاسبني عن ايام قضيتها في فراش المشفى ولم أصلها "حيث قيل بنفسه ليس على المريض حرج وعندما حضرته الوفاه كنت شاهدا في أول لحظة ووجهه يتهلل من النور وسبحان الله يختص برحمته من يشاء من عباده .وقد مات وعمره يناهز عن ٧٧ عاماً.

ذلك الأحسان الذي رافق الميت إلى قبره هو رحمة ونور وإن أهل القرآن هم سفراء ولم يكن ذلك الرجل إلا محسنا .وان هذا المرجع في سيرة حياته التي قصصتها عن تلك القامة لم تكن كلاما عابرا ولكنها حقيقة واقعية وشواهد يجب أن نذكرها بسطور اقلامنا بحسن النوايا واننا جميعا شهداء الله في الأرض ومن لم يشكر الناس لا يشكر الله. واننا مهما تحدثنا كثيرا قد لا نوفيه حقه من كلمات الثناء ومزج العبارات .
ورحم الله الشيخ ابو عقلة وأسكنه الله فسيح جناته مع زمرة المتقين والصادقين والمتصدقين وحسن أولئك رفيقا .ونحتسبه ولا نزكيه على الله وحفظ الله أبنائه جميعا وحفظ الله شقيقه الوجيه عثمان عقله البوات الذي كان له رفيقا وعونا له طيلة حياته.

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2020/04/27 الساعة 21:09