لقد خلقنا الله من نفس واحدة سيدنا آدم عليه السلام وخلق منها زوجها زوجه وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءاً (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (النساء: 1)). وجعل الله منهم أصحاب الرسالة اليهودية وأصحاب الرسالة المسيحية ومن ثم أنزل الله الديانة الإسلامية خاتمة الرسالات والأديان وأرسل محمد عليه الصلاة والسلام شاهداً ومبشراً ونذيراً ورحمة للعالمين (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (الأحزاب: 43))، (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (الأنبياء: 107)). وكما أن الله خلقنا كما كتبنا وبيَّنا سابقاً مختلفين في الصفات والمواصفات والقدرات والإمكانات ... إلخ ورفع بعضنا على بعض درجات في العلم والفهم والمال والجاه والتخصصات فمنَّا الطبيب والمهندس والصانع والمزارع والعامل ... إلخ لكي نخدم بعضنا بعضاً وحتى تستمر عجلة الحياة وفضَّلنا على بعض في أرزاقنا حتى يبلونا الله فيما آتانا (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (الأنعام: 165)). ليرى الله هل طبقنا أوامره ونواهيه وساعدنا الفقير ورحمنا الضعيف وكنا لبعضنا البعض كالبنيان المرصوص في الدفاع عن أي أذى أو عدو يداهمنا مثل فيروس الكورونا كوفيد-19 حتى لو كان جندي من جنود الله لعقاب الظالمين أم لا؟ (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ (الصف: 4)).
قانون الدفاع الذي أصدره الرزَّاز يوم أمس الخميس الموافق 16/04/2020 جاء مدروساً بشكل متأنٍ وآخذاً بعين الإعتبار جميع نواحي التكافل والتضامن بين المؤسسات المختلفة ومع بعضنا البعض للوقوف مع كل من تضرر من الحظر عن طريق إغلاق المؤسسات الخاصة والعامة والمحلات التجارية المختلفة وإيقاف العمل في جميع نواحي الحياة. وقد طالبت جميع الرسالات السماوية والدين الإسلامي بالخصوص بذلك (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (التوبة: 103)). وقد كان دولة رئيس الوزراء منصفاً وعادلاُ هو ومن ساهم في صياغة أمر الدفاع رقم (9) لأنه جاء يتناسب مع دخول أصحاب الوظائف العليا والوسطى وأصحاب الدخول التي يمكنهم المساهمة في هذا التكافل حتى ولو بنسبة مئوية قليلة. ونحن في الأردن من مختلف المنابت والأصول ومن مختلف الرسالات والأديان علينا جميعاً أن نتبع تعليمات رسالاتنا وأدياننا والتي كلها تحض وتشجع على التكافل الإجتماعي في جميع الأوقات فكيف ونحن الآن في أمس الحاجة لها في مواجهة أزمة الكورونا كوفيد-19 وما أثر علينا من نواحي إجتماعية وإقتصادية مختلفة؟. فعلينا جميعاً أن نقف خلف القيادة ودولة رئيس الوزراء وفريق عمله الوزاري والقوات المسلحة والأمن العام ووزير الصحة وجميع منتسبي الوزارة وما يتبع لها من جهات صحية وهم خط الدفاع الأول عن المواطنين أجمعين. والوقوف أيضاً مع المسؤولين من جميع فئاتهم الذين يواصلون الليل بالنهار في هذه الأزمة قلباً وقالباً وبكل ما عندنا من إمكانات ولا نخالف التعليمات الصادرة عن الجهات الرسمية لنجتاز جميعاً هذه الأزمة بسلام.
ولا يفوتنا هنا أن نتقدم بشكرنا وإمتناننا الكبيرين أولاً: لجلالة الملك عبد الله الثاني المعظم على تبرعاته الشخصية والتي فاقت قيمتها قيمة أكبر المتبرعين من المؤسسات والشركات والأشخاص للتكافل الاجتماعي الذي دعى له أمر الدفاع رقم (9). وثانياً: لكل المؤسسات الرسمية والخاصة في الدولة والأشخاص الذين ساهموا بتبرعات لدعم وزارة الصحة ودعم الصندوق الخاص بوزارة التنمية الإجتماعية ... إلخ وتبرعوا أيضا إستجابة لأمر الدفاع رقم (9). حاثيين كل مقاول من ألمقاولين الأردنيين وكل صاحب شركة من الشركات الذين حصلوا على أكثر من مقاولة أو مناقصة من حكوماتنا السابقة والحالية ليتبرعوا إستجابة لأمر الدفاع رقم (9) للتكافل الإجتماعي لأن البعض لم يتبرع حتى تاريخ هذه المقالة وهم يعرفون أنفسهم ولا داعي لذكر الأسماء. كما ونحث جميع أصحاب رؤوس الأموال الأردنيين في الخارج على التبرع أيضاً، وليعلم كل واحد ممن لم يتبرع وهم قادرون على ذلك أنه لا ينفعهم مال ولا بنون عند لقاء رب العالمين، علماً أن شهر رمضان شهر العفو والمغفرة والعتق من النار والخيرات سيحل علينا ضيفاً بعد أسبوع تقريباً (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم (الشعراء: 88 و 89)).