مدار الساعة - كتب: الدكتور المهندس غازي الجبور
انتشر فايروس كورونا بسرعة النار في الهشيم في مدينة أوهان الصينية بداية كانون ثاني من هذا العام، وأغلقت معظم المنشآت في البلاد قبل نهاية الشهر، وخلال شهر شباط فرضت حرب شاملة ضد فايروس كورونا، وأغلقت المدارس والمتاجر، وفي بداية آذار بدأت أعداد الإصابات بالفايروس تتقلص، وزار الرئيس الصيني مدينة أوهان وبدأت الحياة تعود ببطء إلى طبيعتها.
وبحسب تقديرات العالم الفيزيائي ومؤسس معهد نيوانجلاند للأنظمة المعقدة يانير بار يام أن المدة اللازمة لانحسار إنتشار الوباء بناءاً على التجربة الصينية ستستغرق شهراً ونصف، ولكن العامل المهم هنا هو منع التجمع والاختلاط أي التباعد الاجتماعي الملتزم، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه كيف للاتصالات أن تحقق هذا التباعد الإجتماعي؟ في الواقع إن توفير إمكانية العمل عن بعد وكذلك استخدام التطبيقات مثل (Meet, Zoom) والعمل بواسطة الإنترنت (Teleworking) هي أدوات قوية لإدامة العمل عن بعد، وبالنسبة للتعليم فقد تم توفير منصات تعليمية وقواعد للبيانات وقنوات اليوتيوب، وتم توفير البرمجيات مثل (G suite) التي توفر إمكانيات التعلم عن بعد وقامت قنوات البث الاذاعي والتلفزة بدور التعليم عن بعد، كما تقوم وسائل الاتصالات ببث الوعي المجتمعي بما في ذلك إرسال الرسائل التحذيرية ورسائل البث الموحد كرسائل الاعلان عن حالات الخطر (broadcast)، كما تقوم بعض الدول بعملية متابعة المصابين بالفيروس وتحديد تجوالهم من خلال برمجيات معينة، وتقوم بعض المواقع بوضع احصائيات دولية عن أعداد المصابين، وتوفر المواقع الشهيرة مثل جوجل معلومات قيمة عن الوبائيات وكذلك تُستخدم الاتصالات لغايات الطب عن بعد (Telehealth) حيث قامت شركات اتصالات صينية بربط أطباء مميزين عن بعد مع 27 مستشفى تتعامل مع حالات كورونا.
وقد وفرت الاتصالات إمكانية الاجتماعات عن بعد مع عدة أطراف (Video Conferencing)، ورأينا كيف يرأس جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله اجتماعات مع كبار المسؤولين، كما مكّنت الاتصالات عملية الدفع الإلكتروني (E payment)، وقد أوصت منظمة الصحة العالمية (WHO) بعدم لمس النقود، حيث قامت كوريا الجنوبية بحجز النقد الذي وصل للبنك المركزي لمدة أسبوعين وقامت بتعقيمه ومن ثم إعادة استخدامه، كذلك تعتبر الاتصالات هي العمود الفقري للتجارة الإلكترونية (E commerce) والفائدة القصوى هنا هو تجنب التجمعات في مراكز التسوق والحصول على المنتجات بشكل شخصي، وذكر موقع المتسوق الأميركي أن 75% من مستخدمي الإنترنت سوف يتجنبون الذهاب إلى مراكز التسوق، وفي نفس السياق فقد مكنت الاتصالات خدمات التوصيل من تحقيق التباعد الاجتماعي، إضافة لما ذكرناه سابقاً فقد سمحت الاتصالات بتحقيق التباعد الاجتماعي في الخدمات البنكية حيث يقوم 72% من المستهلكيين في بريطانيا باستخدام خدمات البنوك الإلكترونية (banking Online) ويقوم 62% من الأميركيين باستخدام الخدمات البنكية الإلكترونية.
ونحن في الأردن ومن خلال هيئة تنظيم قطاع الاتصالات يتم دعم قطاع الاتصالات من خلال توفير حزم ترددية للاتصالات المتنقلة واللاسلكية الثابتة، وكذلك تقوم الهيئة بإدارة خدمات التوصيل للمنتجات والمستلزمات الضرورية عبر منصة مونة الإلكترونية، وجميعها خدمات تساهم في التباعد الإجتماعي وتقلل من فرصة إنتشار الفايروس، حيث أنه علينا في الأردن تعلم درس مهم من أزمة كورونا وذلك بالإسراع نحو التحول الرقمي الكامل وذلك بإدخال خدمات الجيل الخامس بأسرع وقت ممكن في كافة القطاعات، سائلين العلي القدير بأن يكشف عنا هذه الغمة وتنتهي أزمة الفايروس في العالم أجمع، وأن يحفظ الأردن شعباً وجيشاً وقيادة، وأن يخرج الأردن بعد الإنتهاء من القضاء على فايروس كورونا أقوى من أي وقت سبق.