مدار الساعة- تصوت تركيا الأحد 16 أبريل/نيسان 2017، في استفتاء تحول النظام إلى رئاسي ويمكن للنتيجة أن تؤثر إيجاباً أوسلباً في مستقبل البلاد على جميع الأصعدة.
والاستفتاء الذي يأتي بعد 94 عاماً على تأسيس تركيا الحديثة، قد يؤثر على العلاقات مع الغرب وعملية السلام مع الأكراد، إضافة إلى الديناميكية داخل المجتمع.
وهناك 5 طرق بإمكان الاستفتاء من خلالها إعادة تشكيل تركيا وهي كالتالي:
تعزيز سلطات الرئيس أم إضعافها؟
في حال صوت غالبية الأتراك بـ”نعم”، ستتعزز سلطات الرئيس وسيصبح بإمكانه تعيين وزراء وإقامة بيروقراطية كاملة متمركزة في القصر الرئاسي. ويخشى معارضوه من النظام الجديد الذي هو قريب من النظام الأميركي.
وسيتم تطبيق النظام الجديد اعتباراً من تشرين الثاني/نوفمبر 2019، عندما تجري الانتخابات الرئاسية والتشريعية بشكل متزامن.
ومع إعادة ضبط الساعة في ظل النظام الجديد، قد يتمكن أردوغان الذي انتخب رئيساً عام 2014، في حال أعيد انتخابه من البقاء في السلطة لفترتين حتى عام 2029 بدلاً من 2024.
ويقول آلان ماكوفسكي من مركز التقدم الأميركي، إن النظام الرئاسي الجديد “سيجمع السلطات بشكل غير مسبوق في يد رجل واحد.”
وفي خطاباته الحماسية الداعية لدعم النظام الجديد، لم يقر أردوغان بإمكانية تصويت الأغلبية بـ”لا” ولم يعط أدنى إشارة على أنه على استعداد لإعادة التفكير في مستقبله. ولكن في ظل الامتيازات التي حظيت بها حملة “نعم” سيشكل رجوح كفة “لا” ضربة قوية لموقعه كزعيم تركيا القوي.
الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أم الابتعاد عنه؟
ساءت العلاقات بين أنقرة، التي كانت مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي منذ مدة طويلة، وشركائها في التكتل بدرجة كبيرة منذ الاستفتاء فيما انتقد أردوغان دولاً أوروبية اعتبر أن تصرفاتها تذكر بممارسات ألمانيا النازية.
وقال أردوغان إن محاولة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ستبقى “على الطاولة” بعد الاستفتاء. وفي الوقت ذاته، أكد في كل خطاب خلال الحملة أنه سيوقع على أي مشروع قانون يعيد العمل بعقوبة الإعدام، في تحرك سينهي فوراً فرص بلاده للانضمام إلى التكتل.
ويشير مارك بيريني من مؤسسة “كارنيغي أوروبا” إلى أن “تكتيكات التسلط التي يمارسها بحق الاتحاد الأوروبي بشكل متواصل لأهداف سياسية محلية قد وصلت إلى حدودها القصوى.”
وفي حال فوز معسكر “نعم” بفارق كبير، قد يمنح ذلك أردوغان الثقة لاتخاذ تحرك حاسم بعيداً عن الاتحاد الأوروبي وإظهار أن بلاده قادرة على إقامة تحالفات إستراتيجية بديلة مع أطراف أخرى، بما فيها روسيا.
وقد يشكل تعزيز الاتحاد الجمركي بديلاً لعضوية كاملة في الاتحاد الأوروبي، إلا أنه من غير الواضح إن كان أردوغان يستسيغ ذلك.
عملية سلام أم تحرك عسكري؟
وكان أردوغان أول زعيم تركي يطلق محادثات سلام مع حزب العمال الكردستاني، مما نتج عنه وقف لإطلاق النار غير مسبوق.
ولكن اتفاق السلام مع حزب العمال الكردستاني انهار عام 2015. ومنذ ذلك الحين، شن أردوغان حملة مثيرة للجدل لتدمير التنظيم.
وفي حال التصويت بـ”نعم”، فمن غير المستبعد أن يتبنى أردوغان موقفاً تصالحياً حيال “المسألة الكردية”، حتى إلى درجة إعادة فتح الحوار.
وأكد المحلل أصلي إيدنتاسباس من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أنه “في حال فاز بـ+نعم+ بفارق ضئيل، فإنه (الرئيس) قد يشعر بأنه مضطر لاتخاذ موقف تصالحي (…) قد تعود تركيا إلى عملية السلام.”
إلا أن صحيفة “يني شفق” أشارت إلى أن الحكومة ستفتح جبهة جديدة من خلال عملية عبر الحدود ضد معسكرات حزب العمال في سنجار (شمال العراق) في محاولة جديدة لضرب الحزب.
مصالحة أم استقطاب؟
أحدث عهد أردوغان كرئيس وزراء ورئيس دولة منذ عام 2003 استقطاباً واسعاً داخل المجتمع التركي المتنوع بشكل كبير.
ولطالما شيطن أردوغان معارضيه معتبراً أن كل من يريد التصويت بـ”لا” يدور في فلك حزب العمال الكردستاني والداعية الإسلامي فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة والذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في 15 تموز/يوليو.
وأوضح مؤلف كتاب “السلطان الجديد” الذي سيصدر قريبا، سونر كاغابتاي، أنه قد “يفوز، ولكن في النهاية، فإن نصف البلد تحبه ونصفها الثاني يكرهه. وهنا تكمن أزمة تركيا الحديثة.”
وأظهر أردوغان براغماتية كبيرة في تحالفاته التي كان آخرها عقده تحالفاً مع القوميين.
نمو اقتصادي أم تراجع؟
تتوقع الأسواق بحذر رجوح كفة “نعم” وتأمل بأن تحدث استقراراً. ويتوقع أن ترتفع قيمة الأصول التركية في حال تم ذلك.
إلا أن التوقعات للمدى المتوسط أكثر ضبابية، حيث يخشى بعض الخبراء الاقتصاديين من أن أي تقلص في الديمقراطية في تركيا وازدياد الاستقطاب في المجتمع، بالترافق مع فقدان الحكومة لحماستها لإجراء إصلاحات، سيؤثر سلباً على معدلات النمو على المدى البعيد.
وأوضح خبراء اقتصاديون في “مجموعة بي جي سي بارتنرز” في إسطنبول أنه “فيما سترحب الأسواق بـ+نعم+ محتملة في المدى القريب، لا يرجح أن ترتفع الأسهم التركية فوق معدلاتها التاريخية في وقت يبقى فيه النمو خافتاً وانعكاسات النظام (الرئاسي) بعيدة المدى غير مختبرة.”