مدار الساعة - منذ أن أعلنت منظمة الصحة العالمية فايروس كورونا وباءًا عالمياً دخلت بلدان العالم حالة تأهب قصوى في محاولاتها لكبح انتشار الفيروس، فاختلفت الإجراءات ما بين تقييد الحركة العامة للسكان، و فرض الحجر المنزلي المشدد في عدة دول، ومنع الذهاب إلى دور العبادة والقيام بأي أنشطة أخرى ، وإغلاق حركة الطيران بين دول العالم. مما جعل كورونا يعطي الأرض هدنة من الأنشطة البشرية.
فهل يمكن أن يكون لفيروس كورونا فوائد غير متوقعة ؟
لربما يكون لفايروس كورونا بعض الإيجابيات على البيئة، فمن خلال بعض الدراسات التي أجراها موقع Carbon Brief المتخصص ببحوث المناخ أن العديد من المدن والمناطق التي تأثرت نتيجة انتشار فيروس كورونا قد أظهرت انحسار كبير في نسبة الغازات الملوِّثة والغازات المسببة للاحتباس الحراري بسبب توقف نشاط المصانع وحركة السفر والتنقل.
وقد بينت عمليات الرصد أن مستويات ثاني أكسيد النيتروجين (NO2) قد انخفضت انخفاضاً كبيراً خلال الإغلاق في كل من الصين وإيطاليا، وصلت فوق الصين لوحدها إلى 35% مقارنة بعام 2019 .
تظهر صور الخرائط أدناه تركيزات ثاني أكسيد النيتروجين ، وهو غاز ضار ينبعث من السيارات ومحطات الطاقة والمنشآت الصناعية.
تُظهر الخرائط أن قيم NO2 عبر الصين من 1 إلى 20 يناير 2020 (قبل الحجر الصحي) ومن 10 إلى 25 فبراير (أثناء الحجر الصحي) قد انخفضت بشكل ملحوظ جدا. وتم جمع البيانات بواسطة أداة مراقبة التروبوسفير (TROPOMI) على القمر الصناعي التابع لوكالة الفضاء الأوروبية.و يقوم مستشعر ذو صلة ، أداة مراقبة الأوزون (OMI) على القمر الصناعي Aura التابع لناسا ، بإجراء قياسات مماثلة.
وفي بيانات جديدة من وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) تظهر انخفاضات في تركيزات NO2 فوق إيطاليا بسبب الإغلاق على مستوى البلاد. التغيير واضح بشكل خاص في وادي برو في شمال إيطاليا.
ووفقاً للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) في الولايات المتحدة ومحطة ماونا لوا انخفضت نسبة أول أكسيد الكربون إلى 50% فوق نيويورك مقارنة بالعام الماضي.
ولكن على الرغم من انخفاض التلوث وتحسن نوعية الهواء في أماكن محددة، إلا أنها لا تعد استنتاجات قاطعة تجاه الوضع البيئي الذي تعاني منه الأرض منذ عقود.
فوفق إحصائيات منظمة الصحة العالمية لعام 2019:
- تلوث الهواء وحده يتسبب في حدوث حوالي 7 ملايين حالة وفاة سنويًا
- فيما تتسبب الجزيئات الناجمة عن استخدام الوقود الأحفوري بالوفاة المبكرة ل4 ملايين ونصف المليون أخرين في جميع أنحاء العالم.
- ومليوني ولادة مبكرة سنويًا، وأربعة ملايين حالة من الربو، تنتج كلها عن تلوث الهواء.
- ويؤدي تغير المناخ إلى زيادة عدد الأشخاص المتأثرين بالفيضانات أو المعرضين لموجات الحر أو المعرضين لخطر الأمراض المنقولة مثل حمى الضنك.
فبالرغم من أن تأثير فيروس كورونا المستجد مفاجئاً للبشرية، ولكنه أقل فتكاً من الظواهر المناخية المتطرفة التي يعانيها العالم.
فهل سيتضمن عصر ما بعد كورونا إجراءات تحسينية لدعم ممارسات عمل صديقة بالبيئة على المدى الطويل وعمل خطط جديدة تأخذ المناخ بعين الإعتبار؟
ما هي الإجراءات الرئيسية للتحسين؟
ما يلي بعض الإجراءات التي توصي بها منظمة الصحة العالمية لمكافحة الآثار الصحية الضارة لتغير المناخ:
1. استخدام الحلول الموفرة للطاقة والانتقال بعيدا عن احتراق الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة.
2. تنظيم انبعاثات الصناعة وتوليد الطاقة (على سبيل المثال أفران الطوب ومحطات الطاقة التي تعمل بالفحم).
3. تطوير خيارات نقل صحية وفعالة ، مثل النقل السريع مع المشي وركوب الدراجات، وبالتالي العمل على توفير مساحة شبكة نقل للبنية التحتية للمشاة وركوب الدراجات.
4. تخفيض حرق النفايات الزراعية وحرائق الغابات وبعض أنشطة الحراجة الزراعية (مثل إنتاج الفحم).
5. تحديد خيارات الطاقة النظيفة مع مراعاة التأثيرات الصحية وآثارها المالية.
وكأفراد يجب أن يتحول الأثر الذي خلفه كورونا على نوعية حياتنا إلى عمل وممارسات شخصية صديقة للبيئة والمناخ. وبالتالي فقد آن الأوان لكي يغير الإنسان سلوكه وأسلوبه في الحياة.
طقس العرب