كتب: د. حسين العموش
خروج أطفالنا إلى الشوارع وهم يستقبلون مواكب الجيش والدرك والأمن العام بالورد، يكشف عن حالة الحب المتوارثة بين الأردني وبين العسكر.
العسكر في كل بلدان العالم يلقي الرعب في النفس ويخلق حالة من النفور والخوف مع المواطن،إلا في الأردن، حيث يشكل الجيش حالة من الحب بين الأردني وجيشه، مثلما الأمن العام والدرك.
بكل عفويته يعبر الأردني عن صلة قرابة لا يخالطها شك حين يشير إلى العسكر أو الدرك أو الأمن العام بقوله:»هضول عيالنا» .
تعلق قلوب الأردنيين بالجيش، فلا تكاد تجد بيت إلا وفيه عسكري من احد صنوف العسكرية.
وتغنت الأردنيات بالعسكر، وبلباسهم وهندامهم الجميل، وزغردت الأمهات لخريجي الشرف في الكلية العسكرية وجامعة مؤتة/الجناح العسكري فلما لا يرش أطفالنا العسكر بالورد، في رسالة تؤكد ان الحب يورث جيلا بعد جيل.
كيف لا وقد أطلق سيد البلاد جلالة الملك عبد الله على الأردنيين؛ «أهل العزم» متمثلا في أعظم قصيدة في التاريخ الحديث كتبها بأحرف من نور الشاعر اللبناني الكبير سعيد عقل:
أردُنُّ أرضَ العـــ ـــ ــزمِ أغــنـــيـــ ــةُ الظّــبــــا
نَبَتِ السُّيوفُ وحَدُ سيفِكِ ما نَبَـا
فِـــ ـي حــجـــ ــمِ بــعـــ ـــ ضِ الوردِ إلَّا أنَّــــه
لك شوكةٌ ردَّتْ إلى الشَّرقِ الصَّـبَا
فرضتْ على الدنيا البطولةَ مشتهًى
وعليك دينًـا لا يخانُ و مذْهَبَـا
غنتها فيروز بصوتها الشجي.
«القايش والبريه «هي الكلمات الأكثر تداولا لدى الأردنيين في حياتهم، وصورة جلالة الملك عبد الله بلباسه العسكري هي الصورة الأكثر تواجدا في بيوت الأردنيين .
الرقم العسكري هو الرقم الأكثر حفظا في ذاكرة الأردنيين، لعله ملتصق مع الاسم او ربما أكثر.
لن أنسى ما حييت رقم والدي العسكري الذي حارب في معركتنا الأزلية مع العدو وترك عينه على أسوار القدس، لتكون شاهدة يرى بها رغم انفصالها عن جسده ما حل بالقدس الآن، حتى أخال عينه الوحيدة تذرف الدمع وهي ترى ما لم نر.
أعود الى رقم والدي العسكري الذي كان يفتخر به أيما افتخار، يسجله على علبة السجائر، على ورق الكرتون، على اي مكان متاح أمامه، حتى أحسست ان الرقم (١٧٠٧٤) جزء مني، او انني حين اسأل عن اسم والدي وجب علي ان أقول (علي المحمود١٧٠٧٤) ليكون الاسم مكتملا .
لن أنسى بدلته العسكرية من الفوتيك وهو يتفقدها كل يوم، لن أنسى القايش الأخضر الجميل الذي تزنرت به مرارا في محاولة طفولية لأبدو أكثر رجولة.
قلوب الأردنيين وعقولهم، معلقة بالعسكر وبقصائدهم وبلباسهم، وبطيبتهم، وحبهم للوطن وترابه، لذا فإنهم يتنفسون الصعداء ويشعرون بالراحة وهم يرقبون ناقلة الجنود الخضراء، او الدبابة الترابية اللون يعلوها رشاش الخمسمية.
قصة عشق تتوارثها الأجيال ويحكيها الآباء للأبناء جيلا بعد جيل .
حمى الله الوطن، وقائده العسكري جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، وحمى شعبه النقي التقي الأبي من كل مكروه.
الدستور