مدار الساعة - كتب المحامي محمد علي نبهان - إن قانون الدفاع ومنذ لحظة صدوره متوشحا بالارادة الملكية التي تمت بعد قرار رئيس الوزراء هو قانون استثنائي ونادر وغير مفعل في الايام العادية يكاد ان يكون منعدم الاثر لانه لا يطبق الا في حالات او أوقات صعبة تكون الدولة فيها تعاني من ازمة او كارثة صحية او انسانية حيث نصت المادة 2/أ من قانون الدفاع رقم 13 الصادر بعام 1992 "إذا حدث ما يستدعي الدفاع عن الوطن في حالة وقوع طوارىء تهدد الأمن الوطني أو السلامة العامة في جميع أنحاء المملكة أو في منطقة منها بسبب وقوع حرب، أو قيام حالة تهدد بوقوعها، أو حدوث اضطرابات أو فتنة داخلية مسلحة أو كوارث عامة أو انتشار آفة أو وباء يعلن العمل بهذا القانون بارادة ملكية سامية تصدر بناء على قرار من مجلس الوزراء".
يكون على راس تطبيق قانون الدفاع رئيس الوزراء ولديه صلاحيات محددة ضمن هذا القانون والجدير بالذكر ان الاردن ومنذ عام 1970 وعلى خلاف أغلب دول العالم لا توجد لديه وزارة للدفاع ، لكن يوجد منصب وزير الدفاع والذي اصبح عرفاً سياسياً منذ عام 1970 ان يتولى منصب وزير الدفاع رئيس الوزراء، وأول من تولى منصب وزير الدفاع في الأردن رشيد المدفعي عام 1939.
ولكن ماذا يعني تفعيل هذا القانون؟ وما هو تأثير تطبيقه على باقي القوانين وهل يلغي تطبيقه بعض القوانين او يلغي بعضها؟ وما هي انعكاسات تطبيق هذا القانون على المواطن وعلى الدولة؟
ان وجود مثل هذا القانون في ترسانة الدولة التشريعية هو امر مهم جدا وضروري, فهذا القانون او اي قانون هو عبارة عن قواعد آمرة او ناهية او منظمة تهدف لتنظيم حياة الافراد وصون حرياتهم لكي يعرف كل فرد ما له وما عليه ولكي يعطي كل ذي حق حقه ويعاقب من يستحقون العقاب لاصلاحهم وادماجهم في المجتمع.
وبما ان قانون الدفاع هو قانون استثنائي ويطبق بظروف استثنائية تهدف لحماية مصلحة عليا للدولة والافراد فلا بد من سواده على باقي القوانين و يصبح هو القانون الواجب التطبيق, و كما هو معلوم ان الدستور هو القانون الاسمى و لا وجود لاي قانون اخر ؟ فهل هذا القانون يسود على الدستور والقوانين الاخرى؟
الاجابة عن هذا التساؤل موجودة بالدستور نفسه حيث ينص الدستور الأردني في المادة 124 "إذا حدث ما يستدعي الدفاع عن الوطن في حالة وقوع طوارئ فيصدر قانون باسم قانون الدفاع تعطى بموجبه الصلاحية إلى الشخص الذي يعينه القانون لاتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية بما في ذلك صلاحية وقف قوانين الدولة العادية لتأمين الدفاع عن الوطن"
فالدستور الذي يعبر عن ارادة الامة وهو القانون الاسمى داخليا هو من يعطي قانون الدفاع هذه القوة التشريعية لوقف اي قانون اخر لتامين الدفاع عن الوطن.
ولكن هل هذا يعني الغاء جميع القوانين الفاعلة على ارض الواقع ؟ و تطبيق قانون الدفاع بدلا عنها ؟
الاجابة عن هذا التساؤل موجودة في المادة 10 من قانون الدفاع و التي تنص "يوقف العمل باي نص او تشريع يخالف اي حكم من احكام هذا القانون والاوامر الصادرة بمقتضاه"
اي ان جميع القوانين تعتبر فاعلة اثناء تطبيق هذا القانون و لكن اي قانون يخالف او يناقض هذا القانون فيعتبر قانونا موقوفا عن العمل و يصبح قانون الدفاع هو الاولى بالتطبيق الذي يستمد قوته التشريعية من الدستور الذي يعتبر سيد القوانين.
اخيرا و ليس اخرا ان قانون الدفاع يعطي لرئيس الوزراء صلاحيات مفتوحة للحفاظ على امن الوطن و المواطن وهذه الصلاحيات لا يستطيع رئيس الوزراء تطبيقها في الظروف العادية لانه محكوم بالقوانين والانظمة الاخرى التي تنظم عمله ولكن عندما نكون عند مصلحة عليا للوطن فنحن امام حالة تسقط معها جميع المصالح الشخصية و تصبح جميع الاوامر و التعليمات التي يصدرها رئيس الوزراء قانونية بحته لان قانون الدفاع نفسه اعطاه هذه الصبغة باسقاطه جميع القوانين التتي تتعارض او تقف امام مصلحة الوطن العليا.
و في النهاية ان قانون الدفاع نفسه قد وضع عقوبات استثنائية و صارمة لمن يخالف تعليماته ومواده وتعليمات رئيس الوزراء التي يصدرها بهذا الخصوص فقد نصت المادة السادسة من قانون الدفاع على اختصاص محكمة البداية على جميع الخروقات التي تقترف بتطبيق هذا القانون و المادة السابعة على معاقبة من يخالف احكام هذا القانون بالحبس لمدة 3 سنوات او مبلغ 3 الاف دينار و اذا كانت هذه العقوبة جريمة معاقب عليها بعقوبة اشد فتطبق العقوبة الاشد و في ذلك اشارة على عدم تعطيل القوانين الاخرى و خصوصا قانون العقوبات.