مدار الساعة - يثير فيروس كورونا الجديد "كوفيد-19" جدلا كبيرا، وتضيع الحقيقة العلمية وسط تداول كمية هائلة من المعلومات غير الدقيقة.
في هذا التقرير نوجز آخر ما توصلت إليه الأبحاث العلمية وتقييم الخبراء والسلطات الصحية في ألمانيا ومنظمة الصحة العالمية.
كورونا والطقس الحار
لا يزال من السابق لأوانه معرفة كيفية تفاعل فيروس كورونا الجديد مع الطقس الحار، وإن كان معروفا عن الفيروسات الأخرى من نوع كورونا، أنها تنتشر ببطء شديد في الأوساط الدافئة. ويُعتقد أن السبب يكمن في الأشعة فوق البنفسجية التي تكون أقوى في الشهور الدافئة، والتي تقلص مدة بقاء الفيروسات في الهواء أو على الأسطح، حيث تفقد الكثير من السوائل وتموت.
وعموما، يمكن افتراض أن الطقس الحار قد يؤدي إلى عدد أقل من الإصابات بالفيروس.
مع ذلك، فقد قللت منظمة الصحة العالمية الجمعة الماضية من شأن التوقعات بانحسار فيروس كورونا في غضون الأشهر القادمة، وقالت إنه من الخطأ الاعتقاد بأن الفيروس سيختفي خلال فصل الصيف كما لو كان مجرد إنفلونزا.
خطورة الفيروس
وصف معهد روبرت كوخ خطر فيروس كورونا على صحة الألمان بأنه "معتدل"، وذلك بسبب أن مسار المرض غالبا ما يكون عاديا ولا يتخذ أشكالا حادة. غير أن الأمر يختلف لدى كبار السن أو الأشخاص الذين يعانون من أمراض سابقة، إذ في هذه الحال يمكن للمرض أن يتخذ أشكالا حرجة قد تؤدي أحيانا إلى الوفاة.
قدرة الفيروس على القتل
الواقع أن الباحثين لم يتمكنوا حتى الآن من التحديد الدقيق لمدى قدرة فيروس كورونا على القتل. ويفترض معهد روبرت كوخ أن نسبة الوفاة لدى المصابين بالفيروس تبلغ 2%، بينما أشارت السلطات الصينية إلى أن هذه النسبة في إقليم هوبي -بؤرة الفيروس الأولى- تصل 2.9%، غير أن العديد من الخبراء الألمان يعتبرون هذا الرقم مبالغا فيه.
والسبب أن غالب الإحصاءات لا تأخذ في الحسبان الأشخاص المصابين بأعراض ضعيفة أو معدومة. وبالتالي فإن النسبة المتداولة إعلاميا حول الحالات الحرجة التي تؤدي إلى الوفاة مبالغ فيها. ويعتبر عالم الفيروسات الألماني كريستيان دروستن أن النسبة الحقيقية تقل عن 0.7%. ومع ذلك، لن تتوفر أرقام موثوقة ونهائية إلا في غضون أشهر.
القدرة على الانتشار
لدى فيروس كورونا الجديد قدرة على التكاثر في الجهاز التنفسي العلوي، وهي حقيقة جعلت الباحثين يرفعون درجة قدرته على العدوى والانتشار، عكس ما كانوا يعتقدونه في البداية.
ويرى الألماني دروستن أن ما بين 5 و10% من الأشخاص الذين هم على اتصال بشخص مصاب، تُنقل إليهم العدوى. وبالتالي فإن عدوى هذا الفيروس مضاعفة بنحو 10 إلى 20 مرة، مقارنة بفيروس سارس الذي تسبب في حدوث وباء عالمي بين عامي 2002 و2003.
ووفقا لمعهد روبرت كوخ، فإن أي شخص كان قريبا من شخص مصاب خلال 15 دقيقة على الأقل، يعتبر شخصا مخالطا لمصاب بالعدوى. ويعتقد الخبراء أن نحو 60% من مجموع السكان يمكن أن يصابوا نظريا بفيروس كورونا، وعندها فقط سيكون عدد كافٍ من الناس محصنين ضد الفيروس الجديد، لأنه بمجرد الإصابة به مرة، لا يمكن عادة الإصابة به مرة أخرى. و60% هي نسبة نظرية ليكون فيها عدد كافٍ من الناس يتمتعون بالحصانة. وآنذاك فقط لن يتمكن الفيروس الجديد من مواصلة الانتشار.
يرى محرر الشؤون العلمية في شبكة "أس.دبليو.آر" الإعلامية الألمانية باتريك هينرفيلد أن سيناريو إصابة 60% من مجموع السكان قد يكون واقعيا.
هل تتكرر الإصابة بالفيروس؟
بعد الإصابة بالفيروس للمرة الأولى، يمكن لجهاز المناعة أن يتفاعل بسرعة أكبر مع العدوى الثانية ويفرز الأجسام المضادة المناسبة. وبالتالي، فمن الناحية المبدئية، لا يمكن أن يصاب الشخص بالفيروس مرة ثانية. ولكن إذا تحول الفيروس أكثر من اللازم، فيمكن الإصابة به مرة أخرى. وفيروسات الإنفلونزا تتحول وتتغير باستمرار، لذلك يجب تطوير لقاحات جديدة كل عام.
المدة الفاصلة بين الإصابة وظهور الأعراض
إذا أصيب شخص ما بفيروس كورونا، تظهر الأعراض الأولى عادة بعد خمسة أو ستة أيام، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. غير أن هناك حالات فردية يمكن أن تستمر فيها مدة حضانة الفيروس إلى 14 يوما. لذلك، يجب وضع الأشخاص المشتبه في إصابتهم داخل الحجر الصحي لمدة أسبوعين.
الأكثر عرضة للخطر
تظهر الأرقام في الصين أن كبار السن هم الأكثر عرضة للوفاة بسبب فيروس كورونا. وقد درس العلماء نحو ألف حالة وفاة، فتبيّن أن الأشخاص فوق الستين معرضون للخطر بشكل خاص. ومع ذلك يجب أخذ هذا المعطى بحذر، فقد يتعلق الأمر -وباحتمال كبير- بالسوابق المرضية للمعنيين، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. ومن هذه الأمراض في المقام الأول، ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والرئة والسرطان أو السكري. كما أظهرت الدراسة أن الرجال -حاليا- معرضون لخطر الإصابة بالفيروس أكثر من النساء.
ووفقا لمنظمة الصحة، لم يُصب الأطفال بالفيروس إلا في حالات محدودة. ولا يزال سبب هذا الأمر غامضا، وإن كان بعض الأطباء يفترضون أن فيروس كورونا أقل قدرة على الارتباط بمستقبلات معينة لدى الأطفال.
هل هناك أدوية مضادة؟
حتى الآن، لا يوجد دواء فعال ضد فيروس كورونا، فالكثير من المصابين تكون لديهم أعراض خفيفة (نحو 80% من الحالات المسجلة) وهم لا يحتاجون إلى العلاج مطلقا. ووفقا لدراسة أولى من الصين، فإن أقل من 5% فقط من الحالات يمكن وصفها بالحرجة، وهنا يمكن التخفيف من أعراض المرض، ولكن لا يوجد حتى الآن دواء يقضي عليه تماما.
متى سيطرح لقاح مضاد؟
يعمل الباحثون على قدم وساق في مختلف أنحاء العالم على تطوير لقاح ضد فيروس كورونا، غير أنه من شبه المؤكد أنه لن يكون هناك لقاح متاح للجميع قبل نهاية العام الجاري. وفي ألمانيا، تسابق عدة مختبرات بحثية في ماربورغ وميونيخ وتوبنغن الزمن لتطوير لقاح مضاد للفيروس. وحتى الآن، لا توجد دراسات وصلت إلى المرحلة السريرية، وهذا يعني أن التجارب تقتصر حاليا على الحيوانات ولم تصل بعد إلى البشر.
قدرة الفيروس على البقاء فوق الأسطح
لا تزال تنقصنا الدقة لتحديد المدة التي يبقى فيها فيروس كورونا حيا على الأسطح المختلفة، لكننا نعرف أن فيروسات كورونا مُغلفة، وبالتالي يفترض الخبراء أن الفيروس الجديد قادر على البقاء حيا ومعديا لمدة أربعة أيام على مختلف السطوح.
ويرى معهد روبرت كوخ أن طرق انتقال العدوى الأساسية تتم عبر الجهاز التنفسي، وعليه فمن غير المرجح الإصابة بالعدوى -مثلا- بواسطة البضائع المستوردة كالأغذية والألعاب والأدوات وأجهزة الحاسوب وغيرها.
هل تنتقل العدوى إلى الحيوانات الأليفة؟
يُعتقد أن أصل فيروس كورونا الجديد من الخفافيش، وبالتالي فهو قادر مبدئيا على البقاء على قيد الحياة وينتعش في الأعضاء الداخلية للحيوانات، لكن انتقاله من البشر إلى الحيوانات الأليفة لم يثبت بعد. وهناك حالة وحيدة غير مؤكدة في كوريا الجنوبية.
(الجزيرة + وكالات)