مدار الساعة - شهدت المملكة خلال الأسبوعين الماضيين تسجيل 6 حالات انتحار ثلاث منها في العاصمة عمان شهد جسر عبدون واحدة منها، فيما توزعت الحالات الأربعة المتبقية بين محافظتي إربد وعجلون، في مشهد ربما يفرض على الجهات المعنية اتخاذ إجراءات مناسبة للحد من تكرار حالات الانتحار وتحديدا موقع “جسر عبدون” الذي بات أحد الخيارات المفتوحة لمن يعتزم ذلك.
ففي عمان أقدم شاب على الانتحار برمي نفسه من فوق جسر عبدون، فيما اقدمت ستينية على الانتحار في منزلها شنقا في منطقة شفا بدران، بعدما تلقت الأجهزة الأمنية بلاغا بوجود جثة في إحدى الشقق السكنية بالمنطقة، وفي منطقة عرجان بمحافظة العاصمة أقدمت خادمة على الانتحار بشنق نفسها داخل منزل مخدوميها بواسطة حبل، وفقا لتقرير نشرته يومية الغد.
وفي منطقة راسون بمحافظة عجلون اقدم عشريني على الانتحار بشنق نفسه، ووجدت جثته معلقة على شجرة بالقرب من منزل ذويه، وفي المحافظة ذاتها ايضا عثرت الأجهزة الأمنية على جثة لمواطن مصاب بعيار ناري في منطقة الرأس، وفي الرمثا بمحافظة إربد اقدم شاب على الانتحار بمنطقة الشجرة بإطلاق النار على نفسه.
رئيس قسم علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتور اسماعيل الزيود، قال: “إن التفكك الأسري في المجتمع الأردني غالبا ما يكون خلف جرائم الانتحار”، لافتا إلى انشغال الاب في الحصول على الرزق في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وهذا يؤدى بحسبه إلى ان “يصبح لدى الأبناء سلوكيات شاذة تؤثر على المجتمع”.
وأشار إلى أن ظروفنا في الأردن مرتبطة بالظروف المحيطة بنا في الاقليم الذي يعد ملتهبا نتيجه الحروب، حيث “شهد الأردن موجات من الهجرة نتيجة الحروب ما ادى الى استقبال الأردن الى موجات من اللجوء بدأت تنصهر بالمجتمع الأردني وتفرض عاداتها وتقاليدها التي تختلف عن عادات وتقاليد المجتمع الأردني”.
وأكد الزيود أن هناك أسبابا واضحة ومؤكدة لزيادة حالات الانتحار في المجتمع الأردني منها “تنامي تعاطي المخدرات في صفوف الشباب حيث شهدت نسبة التعاطي ارتفاعا كبيرا اثر على المجتمع بشكل سلبي وساهم في تغيير بنية الأسرة والمجتمع ونتج عنها حالات انتحار وقتل لأفراد الأسرة، ومن ثم يقدم من قتل أفرادا من أسرته على الانتحار”.
وبين ان تزايد حالات الانتحار في المجتمع يدفع بالضرورة الى دراسة كل حالة على حدة وبشكل منفصل عن الاخرى حيث “لا توجد ظروف جامعة لحالات الانتحار، فهناك حالات يتبين ان اسبابها اجتماعية وهناك اخرى اسبابها مشاكل اقتصادية وثالثة اسبابها الادمان على المخدرات”.
وطالب الزيود بتكثيف الحملات التوعية مكثفه من خلال الاعلام الرسمي والجهات ذات العلاقة والتي يقع عليها هذا الدور، ومن خلال مؤسسات المجتمع المدني، وخلق مشاريع وبرامج تطوعية لتشغيل الشباب لأن للفراغ آثارا سلبية، داعيا الى التشدد في تطبيق القانون على متعاطي المواد المخدرة وعدم قبول التدخلات من اجل تخفيف العقوبة او الغائها.
عميد كلية العلوم الاجتماعية في جامعة مؤتة واستاذ علم الاجتماع والجريمة الدكتور حسين محادين قال، ان وجود حالات انتحار في مناطق خارج العاصمة لم يكن مألوفا قبل سنوات بحكم العلاقات العلاقات الاجتماعيّة المنضبطة وعدم وجود تفكك اسري، لكننا بدأنا نسمع في الفترة الأخيرة عن الانتحار في هذه المحافظات.
وبين الدكتور محادين ان المجتمع “انتقل من نقاش العوامل ومسببات الانتحار إلى خلق حيلٍ قائمة على إدانة المنتحر وتحميله مسؤولية الإقدام على مثل هذه الفعل، موضحا أن انتحار شخصٍ يجب أن يستفز حواس المجتمع ومؤسساته إذا كان مجتمعا حقيقيا يوفر التكافل لأفراده ويساندهم في كل الظروف”.
وأوضح أن إقدام الشخص على الانتحار وادراكه انه بهذا الفعل ينهي حياته يعني انتشار ثقافة الجرأة وهي قضية خطيرة، مشيرا بهذا الخصوص الى “دور وسائل التواصل الاجتماعي في سرعة انتشار الخبر وتداوله بين الناس بحيث أصبح خبر الانتحار مقبولا في المجتمع في حين ان الأديان يحرمه”.
ويشير التقرير الاحصائي لمديرية الأمن العام إلى أن العام 2014 سجل 100 حالة انتحار، و 113 حالة في العام 2015، ارتفعت في العام 2016 الى 120 حالة، ولتواصل الارتفاع إلى 135 حالة في العام 2017، وفي العام الماضي بلغ عدد حالات الانتحار إلى 142 حالة.
وحسب احصائيات رسمية فإن عدد حالات الانتحار منذ بداية العام الماضي وحتى مطلع ايلول (سبتمبر) الماضي بلغ 100 حالة انتحار.