تنشلعُ (أُمّ العبد) وتموت بعد أن هربت من الطابق الثاني ورمت بنفسها..تموت أم العبد التي كانت تتعالج في مركز الحسين للسرطان..! تموت الآن متأثرةً بسقوطها تاركةً أكوام اللحم الطفوليّ خلفها..!
إنها جارتي..كسيرة الخاطر والجناح..المطاردة بعائلتها لأنّ حظّها من هذا العالم هو الفقر والحاجة والقضايا المالية الصغيرة التي كانت تحاصرها..وكأن الفقراء لا ظهر لهم إلاّ السجن والغول والمطاردة..!
لم أصدّق أنها ماتت بهذه الطريقة..تقفز من الطابق الثاني بعد أن تمّ اقتحام بيتها..تنكسر رجلها ..وهي المنهكة بالسرطان..ما تلبث إلا قليلاً من الأيام بالمستشفى وتموت غير مطمئنة؛ تموت ليعيش الحيتان..تموت ليبرطع الرابضون على أنفاسنا ..!
لأم العبد أطفال بعمر الورد ..الورد؟؟ قلتُ الورد ؟؟! ما أكذبني..! بل بعمر القهر..لأنه العمر الذي يطلب فيه أطفالنا كلّ شيء فرحين بالحياة..وأطفال أم العبد كأطفال الفقراء تماماً؛ يطلبون ولا يجدون من يلبّي طلباتهم..! لأننا في الدنيا الغولة التي تأكل ولا تُطعم أحداً..!
ما زلتُ أذكر بشاشة أم العبد التي كانت تتأمّل أن تعيش ..كانت ممسكة بالحياة كي لا ينكسر خاطر أطفالها المنكسرين أمامها..وحينما أقول (أم العبد) سيعتقد كثيرون أو يتخيلون أنها امرأة في خريف العمر؛ والحقيقة أنها وصلت سنّ الأربعين فقط..!
ارقدي بسلام..عند الله أنت الآن..ملائكة لا حيتان..لا لهاث ولا خوف ولا فواتير ولا طرق باب..! نامي يا أمّ العبد..لن يوقظك جوع ولن ينغصّ عليك نومك بكاء طفل من أطفالك..!
أنت الآن عند الله..حدّثيه عن كلّ شيء ولا ترحمينا أجمعين.(الدستور)