انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

كورونا

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ نشر في 2020/03/03 الساعة 08:52
حجم الخط

الكاتب: عمر العساف

حتى أمس.. كان العرس عند الجيران.. وفي العالم.. اليوم أمسى في بلدنا.. وطننا.

حتى أمس.. كان التندر سمة غالبة ومسخرنا الوباء وجعلناه منجما لابتداع النكت.. ولا أرى ضيرا في ذلك.. فالأردنيون أحوج الناس إلى الضحك والتبسم في مواجهة الضنك والمكئبات التي يتنفسونها منذ أزمان..

اليوم.. بدأ القلق يتسلل إلينا ويتسربل بين جوانحنا وأنفاسنا.. والخوف على أبنائنا من سعلة أو مصافحة وهم ذاهبون إلى مدارسهم وعائدون منها.. والريبة والتوجس باديان على قسماتنا.. ليحلا محل الضحكات والقهقهات والاستهزاء من مخلوق لا نكاد نراه.. وإن كانت ظلاله تتعملق في مخيالنا حتى سدّت علينا الفضاء..

اليوم غير أمس.. وإن كان ما يفصل بينهما سويعات.. ولكنها ليست كأي سويعات.

لن يفيدنا الرعب ولن يجدي معنا نفعا.. تماما كما اننا لن نستطيع أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء، ولن يكون بمُكْنتِنا أن نأوي إلى جبل يعصمنا من الفيروس.

لا تفيد العزلة.. فالحياة بعيدا عن الناس شبه مستحيلة.. والمجتمع، من اسمه، يقوم على الاجتماع والالتقاء والجماعة. لا يستطيع فرد أن يعيش بمعزل عن الآخرين الحرص، لا الهلع، ما يلزمنا، التحوط والحذر، لا التخبط الأعمى أو الاستهتار.. فهذا زمان الجدّ، وهذا زمان اختبار قابليتنا لمواجهة الأخطار والمحن، وأن «نجعل مع دعائنا قليلا من القطران».

هذا زمان الأردنيين الذين طالما صبروا على البلاء، لا يضرهم من عاداهم وما اعتراهم. ونحن لسنا في هذا وحيدين أو منفردين، فما أصابنا اليوم، أصاب العالم بأسره، وهي جائحة لا تميز بين أحد على وجه هذه البسيطة، إلا من أخذ بالأسباب وأعد للأمر عدته.

وبظني أن الحكومة، مما رأيت وقرأت وسمعت، على وعي وإدراك لخطورة هذا الوباء العالمي، وأحسب أنها أعدت للأمر واستعدت له، وهي لا تملك إلا أن تفعل ذلك، مثلها كمثل الحكومات في العالم أجمع.

وأعتقد أنها تحتاج من الناس التعاون الجاد لتجاوز هذه المحنة، مثلما نتوقع منها ألا تدخر جهدا في سبيل ذلك، مهما كانت الإجراءات والقرارات والأفعال قاسية، فالمصلحة العامة تقتضي أحيانا الحزم.

وأظن أن علينا ألا نمسخر الأمور أو نقلل من أهمية ما تبذله الحكومة، وفي الوقت ذاته ألا نسكت إن لمسنا تقصيرا، بعيدا عن التهويل والمبالغات والتشكيك الذي لن يفضي إلا إلى الهلع والفوضى، وهما ما لا يلزماننا الآن.

الحكومة، حتى اللحظة، في هذا الملف تحديدا، أزهرت قدرا عاليا من الشفافية، وهو ما لا تستطيع إلا أن تفعله، وهي تعلم جيدا أنه ليس لها سبيل غير ذلك.

وهنا، لشدّ ما آلمني ويؤلمني أن أسمع أناسا هنا أو هناك، منذ أيام، يشككون ويزعمون أن هناك حالات كثيرة من الإصابات وأن «الحكومة بتخبّي وتتحفظ»، وللأسف أن يكون من هؤلاء صحفيون، وهم الذين تقوم مهنتهم أساسا على التحري والتحقق والتأكد من صحة المعلومات ودقتها.

وللأسف، أن كثيرا من هؤلاء عندما تسألهم وتدقق على ما يقولون، تكتشف أنهم يهرفون بما لا يعرفون وأن رواياتهم تقوم على «سمعت.. وبقولوا».

الشيء الوحيد الذي أنا متأكد منه، هو أن لا حكومة في العالم، تجرؤ على أن تخفي المعلومات المتعلقة بوباء، أي وباء، وأنها بخلاف ذلك، ستخسر وتخسر كثيرا.

التعامل مع الوباء ليس كما الأمر مع ملف فساد يريد بعض المتأثرين به أن يخفوه ليحموا أنفسهم من المساءلة. الوباء عندما يضرب بلدا لا يستثني أحدا، وأول المتعرضين له هم القائمون على الصحة.

الرأي

مدار الساعة ـ نشر في 2020/03/03 الساعة 08:52