بدأ تحسن العلاقات مع الشقيقة قطر منذ عودة التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى سفراء ثم إعادة فتح مكتب قناة الجزيرة القطرية، ليتكلل الآن بزيارة على مستوى رفيع لأمير دولة قطر للأردن شهدت مبادرات اقتصادية نوعية لقيت ترحيبا وارتياحا شعبيا ورسميا. أردنيا، الزيارة تأتي في ضوء توجه الأردن الاستراتيجي الدائم في الحفاظ على علاقات طيبة مع كافة الأشقاء ما استطاع لذلك سبيلا، لأن مصلحة السياسة الخارجية الأردنية تكمن في أجواء إقليمية وعربية توافقية تمكنه من مساحة أكبر للحركة السياسية للحفاظ على مصالحه الذاتية والدفع باتجاه وحدة الموقف بشأن القضايا الاقليمية التي تمس الأمن القومي والعربي، يعلوها على الاطلاق القضية الفلسطينية المرتبط حلها عضويا بمصالح الأردن العليا
لم ينظر الأردن للأزمة بين قطر وأشقائها في الخليج إلا أنها أزمة بين أشقاء ستزول لا محالة. يدعم المنطق الأردني كم المصالح المشتركة الكبير بين الاشقاء والتهديدات المصيرية التي يواجهونها، تقابل ذلك تباينات او خلافات أقل حجما وقدرا من الجوامع والمشتركات. الأردن يرى أن الاشقاء يختلفون ولكنهم يبقون أشقاء، ما يجمعهم أكبر بكثير مما يفرقهم. للأردن ذاته تبايناته وخلافاته مع عدد من الدول الشقيقة، لكن ذلك لم يؤثر يوما على معادلة المصالح المتشابكة والمصير المشترك. التهديد الايراني لأمن الخليج وحده قادر على أن يجمع كافة دول الخليج والاقليم العربي لمواجهة هذا التهديد، والقضية الفلسطينية والعدالة الغائبة عن الشعب الفلسطيني الذي يحظى بتعاطف شعبي عربي عظيم قادرة هي الأخرى على توحيد الصف العربي وتجاوز كل الخلافات البينية على قاعدة الاحترام المتبادل والمصير المشترك
يحاول البعض، خاصة القوى السياسية المحسوبة على جماعة الاخوان المسلمين غير الشرعية، أن يصور زيارة أمير قطر على أنها جزء من الانتصار على أحد أطراف الخلاف الخليجي، أو أنها تغيير في الموقف الأردني. يفعلون ذلك من خلال منابرهم وحساباتهم. هذا غير صحيح بالمطلق، فلم ولن يكون للأردن مصلحة بغير القيام بما من شأنه رأب أي صدع خليجي نراه مؤذيا للأمن والاستقرار الاقليميين. للأردن خلافاته مع قطر كان بعضها إعلاميا في السابق وربما عدم الالتزام بالمنحة الخليجية تركت عتبا رسميا كبيرا في مرحلة ما، لاسيما بعد أن التزمت كل من السعودية والامارات والكويت بدفع حصتها من تلك المنحة التي أسهمت بشكل كبير بعدم انزلاق أوضاعنا الاقتصادية لمزيد من السوء. هذه القضايا وإن تركت عتبا لكنها لا تنفي الترحيب الكبير بذات الوقت بمبادرات قطر الاقتصادية لمساعدة الأردن الذي ما كان يوما الا الرديف والسند لأمن الاشقاء في الخليج ويعتبر قولا لا فعلا أن أمنهم الوطني جزء أساسي وأصيل من أمن الدولة الأردنية.(الغد)