مدار الساعة - كتبت: إخلاص القاضي
لا ينتج أي نزاع أو اختلاف أو خلاف بين أي من الدول العربية عموما والخليجية على وجه الخصوص، إلا المزيد من الانعكاسات السلبية على النماء والتقدم والازدهار والعملية التنموية في المنطقة برمتها ، والعارف بتغير الدنيا وما عليها. يدرك أنه لا يستقيم أي حال على حاله مهما استمر اعوجاجه وتداعياته، وذلك بمعزل عن الاسباب والمسببات، فالصلح دائما سيد الاحكام، والشر من "شرارة " والعودة إلى العلاقات الطبيعية قد يأتي من تنازل وتناس وتجاوز وفتح لصفحات جديدة تعلن مراحل أكثر أهمية تزيد من قوة الامة وتسيجها بقبس من أمل وتجدد.
وعود على بدء، فاني أرى ان الوقت قد حان، لعودة العلاقات الطبيعية إلى سابق عهدها بين قطر وبقية دول الخليج، سواء بمبادرة خليجية- خليجية، أو عبر وسطاء من المؤمنين بأهمية العمل الخليجي المشترك، ولنا في دوري كل من الكويت وسلطنة عمان الشقيقتين الأسوة الحسنة، وليكن البناء عليها بدفع اردني أراد دائما الوئام بين الدول العربية.
فمهما كانت مسببات هذه القطيعة قاسية، غير أن استمرارها أقسى على الشعوب، التي تجمعها روابط الدين واللغة والدم والمصاهرة والارث الحضاري والعادات والتقاليد ووحدة المصير، ولا تنفع تلك القطيعة الا كل متربص وطامع بخير ومال ونفط الخليج، حيث يستفيد من تناقضات السياسة "وقد يخترع بعضها"،لإثراء جيبه التي لا تشبع من ابتزاز الخليج مولدا في كل مرة عدوا مفترضا، ولاعبا على أوتار تثير الحساسية والعداء بين ابناء الامة الواحدة، ويعود ليتفاخر بانجازاته وقدرته على التلاعب بمصير الشعوب، قائلا في كل مرة وجهارا نهارا "خذ اموالهم، خذ اموالهم".
كانت قطر - كغيرها من بقية دول الخليج - ، وما زالت، السباقة لاحتضان اتفاقيات سلام وصلح على ارضها، والامثلة على ذلك كثيرة منها اعلان الدوحة الذي اسفر عن الاتفاق بين حركتي فتح وحماس سنة 2012، واتفاق الدوحة في 2008 الذي انهى 18 شهرا من أزمة سياسية دامية في لبنان وغيرها من الاحداث، ولا تقل المملكة العربية السعودية الشقيقة نشاطا وحبا للسلام والوئام، فكانت أرضا لتلاقي الفرقاء من اجل التوصل لتفاهم استهدف طي صفحة الماضي عبر اتفاق الطائف مثلا عام 1989 الذي انهى الحرب الاهلية في لبنان، واسس لمرحلة جديدة كنا نامل ان تعيد لبنان (سويسرا الشرق) من جديد، ولكن!؟ ولهذا حديث آخر..
ولا تقل دولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة شأنا عن أي من الدول في توقها للسلام والسعادة، فهي الارض التي احتضنت الكثير من المبادرات الايجابية الهادفة لانهاء نزاع أو مشكلة ما، بين الفرقاء، ومنها على سبيل المثال لا الحصر تحقيق المصالحة بين اريتريا واثيوبا 2018.
كل هذا الخير الذي يعيش بين ظهراني الساسة في دول الخليج العربي، حري به أن ينتقل اليوم قبل الغد للبيت الخليجي الواحد، وحري بالرياض " أم عواصم الوفاق العربي"، أن يبدأ الخير منها كما عودتنا على كرمها وعطائها، من خلال الاعلان عن مبادرة خليجية (قد تسبقها وساطات اردنية وكويتية وعمانية)، برعاية الجامعة العربية، لتسفر عن "إتفاق الأخوة " إتفاق "الرياض- الامارات- البحرين- قطر"، يستهدف التوقيع على اتفاق جديد يؤسس لمرحلة جذرية من الانتاجية والاستثمارات المتبادلة، شريطة طي صفحة الماضي دون التطرق لأي من الملفات العالقة، والتركيز أكثر على الشق الاقتصادي، الذي يجلب الرفاه للشعوب، على أن تغلف المرحلة الجديدة بصفاء للنوايا والقلوب وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول، كعنوان أساس، وما دون ذلك يلحق بمحاور نقاشية يتم التوصل من خلالها لحلول وسط لكل الامور العالقة، ولكن الاهم هو عودة سريان الدم في العروق الخليجية لان الدم واحد، والفؤاد الخليجي واحد.
حين ترى قطر ان المبادرة الخليجية تستهدف عودة الاخ لاخيه ستتخلى شيئا فشيئا عن أي من الملفات القديمة التي كانت تزعج اخوتها، وما دون ذلك لا شيء اجمل من سواسية "أسنان المشط الواحد" الذي لا فضل فيه لعربي على أعجمي إلا بالتقوى"، وهذا ليس كلاما إنشائيا بقدر ما هو علم ودين لا يجب ان يتأثر بكل من يحمل اجندة ويحقق مصالحة الشخصية على حساب مصالح الاوطان التي لا يعلو على مصالحها العليا عال. ندرك مدى عمق الشرخ بين الاخوة في الخليج، ونعلم أسباب الأزمة، ولكن دول كبيرة دخلت في حروب عالمية طاحنة، توصلت لحلول ألغت عبرها الأحقاد والماضي، وأسست لحياة سياسية إقتصادية تجارية زراعية بيئية ناجحة مثلت انموذجا للتخطي والبناء من جديد... ونحن كعرب.." نستطيع أيضا"..