يستمر تداول سيناريوهات محتملة في مقدمتها تمديد مجلس النواب لعام آخر بعد أن كان السيناريو المرجح هو تعجيل حل المجلس، وكنت سمعت عن احتمال التعجيل من مصادر جدية بعد اشتداد الحملة ضد اتفاقية الغاز وجلسات النواب الصاخبة حولها والفرضية كانت ان الدولة لا تستطيع التعايش مع هذا الضغط النيابي المرشح للتفاقم. ثم جاء اعلان صفقة القرن أو صفقة ترامب نتنياهو لتبدل الاهتمامات والأولويات فاندفع الى المقدمة سيناريو التمديد والفرضية كانت أن هناك مخاوف وهناك تحليلات بل واستطلاعات تعطي نتائج غير آمنة تستوجب الحذر من إجراء الانتخابات في هذه الظروف
ثم كان هناك اعتبار آخر يتعلق برحيل الرزاز الاجباري اذا تم حل مجلس النواب بينما الرجل يلقى القبول من الأوساط الدولية ومن صندوق النقد ويشرف بنجاح على التفاهمات الجديدة مع الصندوق في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. ربما كان هذا الاعتبار الأخير والوحيد الذي يؤخذ بجدية لكن اذا كان الحرص قويا لاستمرار الحكومة خلال العام الحالي فهناك مخرج بسيط وهو العودة الى الأصل الدستوري الصحيح بالدعوة لانتخابات جديدة دون حلّ المجلس حيث ينص الدستور على الدعوة لإجراء الانتخابات خلال الأشهر الأربعة الأخيرة من عمر المجلس ( مجلس يسلم مجلس) ولا أعرف أبدا إذا كان هذا الخيار قد طرح على اي مستوى في دوائر القرار
أعتقد أنه لا تغيير على المسار القائم لا بتعجيل حل المجلس ولا التمديد له وما من معطيات تزكي ذلك. والشيء الوحيد الذي حسم كما يبدو هو عدم اجراء اي تغيير أو تعديل على قانون الانتخابات. وحتى بعض التعديلات الفنية التي كانت تعتبر ضرورية تم غض النظر عنها بما في ذلك الفكرة الرئيسة التي تحدث بها جلالة الملك مبكرا لتقليص عدد اعضاء المجلس فهذا الاقتراح ايضا تم التضحية به حتى لا يتم فتح القانون للتعديل
لم أفهم أبدا الحكمة من هذا القرار الذي لا نعرف كيف ومتى وسندا لأي اعتبارات تم اتخاذه، لكن المؤكد انه تقرر فالحكومة لا تتحدث عن قانون الانتخاب ابدا، وهو لم يرد على برنامجها لهذا العام وآخر إشارة وردت قبل أشهر على لسان الرئيس الرزاز خففت التوقعات بالقول أن أي تعديلات على القانون قد تكون طفيفة لكن حتى هذه الاشارات اختفت نهائيا من خطاب الرئيس
هذا التحول لم يخضع لأي نقاش معلن لشرحه وتبريره مع ان الخطاب الرسمي كان يعتبر ان اعادة النظر بالقانون هو ممر اجباري لتحقيق اهداف الاصلاح السياسي ويترافق بالضرورة مع الاصلاح الاقتصادي والاداري ويكون جزءا من حزمة متكاملة من التعديلات على التشريعات الناظمة للحياة السياسية. هذه كانت رؤية حكومة الرزاز التي اكتفت من الغنيمة بالإياب مع تعديل متواضع على نظام تمويل الأحزاب لا غير. وحسب المعلومات كان الرئيس يرغب بتقديم شيء للناس وتقديم مقترح ما للقانون لكن القرار الحاسم كما يبدو جاء بإغلاق هذا الملف كليا. وعلى كل حال سأعود لمناقشة هذا القرار الذي يوجه رسالة جمود وركود ووعد بانتخابات لا تحفز على شيء وتعيد انتاج المشهد القديم، قرار أسقط من يد الدولة الورقة الأقوى والأكثر فعالية في جذب الاهتمام وامتصاص التوترات واعطاء رسالة ايجابية حول إرادة الاصلاح وفتح أفق وأمل جديد وكل ذلك دون مغامرة أو قفز في الظلام
الغد